الاثنين، 17 مارس 2014

حول قوله صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " !

حول قوله صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " !
ومما كثر اللغط حوله , هو قوله صلى الله عليه وسلم : ( أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله .... الحديث ) ( أخرجه البخاري في كتاب الإيمان برقم 25 ) .
وهذا الحديث يفسره كلام ربنا في قرآنه العظيم وكلام نبينا صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة , إذ لا يمكن الإستدلال بآية أو بحديث مع ترك بقية الآيات والأحاديث الشارحة والموضحة لها !
فهذا الحديث يفسره القرآن الكريم في العديد من الآيات :
قال تعالى : {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ}البقرة190 .
وقال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }التوبة123 .
وقال تعالى : {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الممتحنة8 .
وقال تعالى : {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }الممتحنة9 .
فالفهم السقيم للحديث محل البحث , وهو تفسيرهم لقوله صلى الله عليه وسلم " أمرت ان أقاتل الناس " بقتال الإعتداء والبغي , وهو أمر أنكره القرآن الكريم كما يجد القاريء من الآيات سالفة الذكر , بل أصَّل القرآن الكريم نقيض هذا المعنى السقيم للقتال في الإسلام , فلم يعد من معاني القتال في الحديث الشريف سوى ما ذكره الشرع من أنواع الجهاد والقتال في الإسلام من دفع وطلب ونصرة للمظلومين وحماية للمؤمنين !
كما أن هذا الفهم السقيم تدفعه سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم , إذ لو كان الأمر كما فهمتهم , فأين في سنته المطهرة أنه صلى الله عليه وسلم بغى واعتدى على الأبرياء والمدنيين ؟! أين نجد في سنته صلى الله عليه وسلم أنه أكره الناس حتى يكونوا مسلمين ؟!
بل حسبنا قوله صلى الله عليه وسلم : ( أيها الناس , لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية, فإذا لقيتموهم فاصبروا , واعلموا أن الجنة تحت ظل السيوف ) ( رواه مسلم في كتاب الجهاد 2/1362 , وأحمد في مسنده 4/354 ) .
فهذا الحديث كافٍ في الرد على أصحاب الفهم السقيم , إذ كيف ينهى الناس عن تمني لقاء العدو وهو في ذات الوقت – حسب فهمكم السقيم – يأمرهم بالقتال لمجرد البغي والإعتداء ؟! إن كلا الأمرين – الحديث الأخير وفهمكم السقيم – يتناقضان تمام التناقض , والجمع بينهما كمحاولة أحمق في الجمع بين المشرق والمغرب !
لقد كان عدله صلى الله عليه وسلم في الحروب أنه كان يقتصر على قتل المحاربين البغاة والطغاة ، ولا يقتل المدنيين الذين لا يشاركون في الحرب والقتال ، وقد وصَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بذلك عندما أرسله في شعبان سنة (6 هـ) إلى قبيلة كلب النصرانية الواقعة بدومة الجندل , فقال له : ( اغزوا باسم الله . وفي سبيل الله . قاتلوا من كفر بالله . اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا. وإذا لقيت عدوكمن المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال ( أو خلال ) . فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكفعنهم . ثم ادعهم إلى الإسلام . فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم . ثم ادعهم إلىالتحول من دارهم إلى دار المهاجرين . وأخبرهم أنهم ، إن فعلوا ذلك ، فلهم ماللمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين . فإن أبوا أن يتحولوا منها ، فأخبرهم أنهميكونون كأعراب المسلمين . يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين . ولا يكون لهمفي الغنيمة والفيء شيء . إلا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن هم أبوا فسلهم الجزية , فإن هم أجابوك فاقبل منهموكف عنهم . فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم... الحديث ) (أخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث (1731) ، وأبو داود (2613) ، والترمذي (1408) ، وابن ماجه (2857) ، والدارمي (2439) ، وأحمد (18119) ، والحاكم (8623) ) .
ومن وصايا أبي بكر الصديق لقائد جيشه : ( لا تخونوا ولا تغلوا ولا تمثلوا , ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً , ولاتقطعوا نخلاً ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة , ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراًإلا لمأكلة , وسوف تمرون على قوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهمله ) ( البداية والنهاية لابن كثير 6/336 , والبيهقي في سننه الكبرى برقم 1790 ) .
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا بعث أمراء الجيوش أوصاهم بتقوى الله، ثم يقول عند عقد الألوية : ( باسم الله ، وعلى عون الله ، وامضوا بتأييد الله بالنصر ، وبلزوم الحق والصبر ، فقاتلوا في سبيل الله من كفر بالله {وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْـمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190] ، لا تجبنوا عند اللقاء ، ولا تمثِّلوا عند القدرة ، ولا تُسرفوا عند الظهور ، ولا تقتلوا هرمًا ولا امرأة ولا وليدًا ، وتوقَّوْا قتلهم إذا التقى الزحفان ، وفي شنِّ الغارات . ولا تغلُّوا عند الغنائم ونزِّهوا الجهاد عن عرض الدنيا ، وأبشروا بالرباح في البيع الذي بايعتم به ، وذلك هو الفوز العظيم ) ( ابن قتيبة في عيون الأخبار 1/107 ) .
فأين أوامر قتل المدنيين في الإسلام ومتى فعل المسلمون هذا ؟! فإن كان القتل هو سلوك وأسلوب المسلمين لما بقيت نسمة واحدة على غير الإسلام في بلادالإسلام ومنها مصر والشام , ولما بقيت كنيسة أو دير منذ العصور الإسلامية حتى الآن !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق