الجمعة، 21 مارس 2014

التفسير التاريخي لنصوص المحبة ( أحبوا أعداءكم ، من لطمك على خدك الأيمن ، الذين يأخذون السيف ، الله محبة ... الخ)

التفسير التاريخي
لنصوص المحبة
( أحبوا أعداءكم ، من لطمك على خدك الأيمن ، الذين يأخذون السيف ، الله محبة ... الخ)
وإتماماً للرد على ادعاء القس أن العهد الجديد جاء فألغى كل ما جاء في العهد القديم من إمكانية الحروب والقتل والذبح رأينا أن نستعرض تاريخ الكنيسة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا لنعلم أن آباء الكنيسة كلهم وأساقفتها لم يفهموا هذه الخرافات التي يزعمها هذا القس وأن التقليد[1] الذي استلمته الكنيسة يتفق مع رأينا أن العهد الجديد لا يقول ( أحبوا أعداء الله ) بل يقول ( أحبوا أعداءكم)  وبذلك لا يكون قد ألغى نصوص الحروب الدينية التي جاءت بأمر الإله ، فلم تأت لحظة على آباء الكنيسة فهموا فيها أنهم مطالبون بحب أعداء الله.
فيذكر الكتاب أسماء الكثيرين من الأنبياء وآخرين يطلق عليهم الكتاب رجال الله ، وكان بعضهم لديه القدرة المسلحة لإعلان الجهاد كمثل موسى وداود و سليمان ..... وغيرهم  .
ولكن البعض الآخر لم يكن لديهم القوة المسلحة لإعلان الجهاد بل أكثر من ذلك فقد تعرضوا للاضطهاد من قومهم فمنهم من رُجم ومنهم من نُشر ومنهم من قُتل (وَآخَرُونَ تَجَرَّبُوا فِي هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثُمَّ فِي قُيُودٍ أَيْضاً وَحَبْسٍ. رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلاً بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ) عبرانيين 36:11-37  
 ولقد قُدر للمسيح ألا يكون له سلطان كبير من قوة السلاح أو الرجال الذين يُدافعون عنه بل إن أقرب التلاميذ ـ بحسب الرواية الإنجيلية ـ عندما بدأ الاضطهاد تركوه وهربوا (فَتَرَكَهُ الْجَمِيعُ وَهَرَبُوا) مرقس 50:14 . ولهذا كان من الطبيعي ألا يُعلن المسيح الجهاد العلني لأنه لا يملك لا السلاح ولا الرجال ،واستمر الأمر بعد المسيح على هذا الحال فتعرض تلاميذه من بعده للاضطهاد تارة على يد اليهود وتارة أخرى على يد الدولة الرومانية الوثنية ، فهذا استفانوس يرجمه اليهود (وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَرَجَمُوهُ) أعمال 58:7 ، وهذه جماعة المؤمنين كلها تُضطهد أيضاً على أيديهم ( وَحَدَثَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ اضْطِهَادٌ عَظِيمٌ عَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ فَتَشَتَّتَ الْجَمِيعُ فِي كُوَرِ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ مَا عَدَا الرُّسُلَ(  أعمال 1:8.
ويعقوب يُقتل بالسيف بأمر هيرودس (فَقَتَلَ يَعْقُوبَ أَخَا يُوحَنَّا بِالسَّيْفِ) أعمال 2:12 ، و هكذا .....  
ثم يأتي أول اضطهاد كبير بناء على قرار رسمي  في عصر نيرون يبدأ عام 64 م ،وبعد موت نيرون ينعم أتباع المسيح بهدوء نسبي ليمارسوا فيه عبادتهم ولكن كقلة قليلة في دولة قوية عسكرياً ، ولكن لم يلبث هذا الهدوء أن يزول بتولي دومتيان كرسي المملكة سنة 81 م  الذي أشبعهم قتلاً ونفياً ، وبعد مقتل دوميتان يعتلى كرسي الإمبراطورية نرفا سنة 96 م والذي أعاد الأمان من جديد للمسيحيين ولكن  كانت مدة حكمه قصيرة ما لبث أن مات سنة 98 م . ثم اعتلى من بعده تراجان من سنة 98 م ـ 117 م والذي عاد في عصره الاضطهاد من جديد .
ثم جاء عصر هدريان  ( 117) وبالرغم من أن الاضطهاد في هذه الفترة لم يكن رسمياً إلا أن الاضطهاد أخذ شكلاً شعبياً فالشعب نفسه كان يضطهد المسيحيين بحجة أنهم سبب البلاء الذي يصيب البلاد لأنهم سبب غضب الآلهة .
ثم جاء عصر مرقس أورليوس واشتدت فيه الاضطهادات بدءاً من سنة 167 م وفي عصره اعتُبر الإنتماء إلى المسيحية جريمة ضد الدولة .
وبعد موت أورليوس  تولى كومودوس الذي انشغل بعض الشيء عن اضطهاد المسيحيين  ، وساد الاضطراب في الدولة فلم يكد يلبث إمبراطور في  الحكم و نعمت الجماعة المسيحية في هذه الفترة بالهدوء النسبي  مع وجود بعض أشكال الاضطهاد ولكن ليس بشكل رسمي لإنشغال الأباطرة بتدعيم كرسيهم .
ثم جاء عصر سبتيموس سيفيروس ( 194 ـ 211 م ) والذي بدأ عصره ببعض المسامحة تجاه المسيحيين لم يلبث أن انقلب إلى اضطهاد عام 202 م .
وبعد موت سيفيروس تمتعت المسيحية بالهدوء النسبي ماعدا فترة حكم ماكسيمان وحتى تولية ديسيوس سنة 249م الذي أشعل الاضطهاد من جديد .
 ثم خلفه من اضطهدوا الكنيسة أيضاً وهم فاليريان و أوريليان .
  ثم خلفهم ديوكليشيان سنة 284 م  الذي اضطهد المسيحيين نتيجة ضغط صهره جاليريوس قيصر ، وأمه التي كانت شديدة الكراهية للمسيحيين  ، وفي عصره أبيدت نسخ الكتاب المقدس .

 
[1] تعتقد الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية أن التقليد من مصادر التشريع عندهم ، فهي ملزمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق