كتاب : حقوق الذميين في الشريعة الإسلامية
|
عرض: عماد عاشور
أضيف فى 1433/11/13 الموافق 2012/09/29 - 10:51 ص
أضيف فى 1433/11/13 الموافق 2012/09/29 - 10:51 ص
بين هذه السطور رد واضح على كل من اتهم الإسلام بالعنف , أو قال إن الإسلام قد انتشر بحد السيف ولا يحفظ لغير معتقديه حقوقهم! . فبين أيدينا إصدار جديد من سلسلة أبحاث مجمع فقهاء الشريعة في أمريكا لمؤلفه الدكتور حسين حامد حسان أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة , رئيس الجامعة الإسلامية العالمية إسلام أباد ( باكستان سابقا ) . وقد تناول الدكتور حسان الأحكام الفقهية والحقوق الشرعية المتعلقة بأهل الذمة في دار الإسلام , وحمايتهم من الاعتداء الخارجي والداخلي , وبيان حرمة أموالهم وأعراضهم , مبينا أن الإسلام سمح لهم بحرية العمل والكسب لذلك وضعه تحت عنوان (حقوق الذميين في الشريعة الإسلامية ) ليبين كيف اعتنى الإسلام بحقوق غير المسلمين والأحكام الواردة من اعتدى على تلك الحقوق , موضحا كل حكم على النحو التالي :
حقوق الذميين في دار الإسلام
وبين المؤلف أن الذمة هي العهد والأمان ، وأهل الذمة هم غير المسلمين الذي يعيشون في كنف الدولة الإسلامية على أن يكون لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم ، فتبذل لهم الحماية من الاعتداء الخارجي ، والمنع من الظلم الداخل ي ، مقابل مبلغ من المال لا يفرض إلا على القادر منهم ، ولهم على ذلك ذمة الله ورسوله . حيث يقول الماوردي رحمه الله في معرض بيانه لما ينشئته عقد الذمة من الحقوق للذميين : (ويلتزم لهم ببذل الجزية حقان : أحدهما : الكف عنهم ، والثاني : الحماية لهم ، ليكونوا بالكف آمنين ، وبالحماية محروسين )
وأوجز الدكتور حسان القول في إظهار حقوق غير المسلمين في دار الإسلام بما يلي :
الحماية من الاعتداء الخارجي :
فلأهل الذمة في المجتمع الإسلامي حق الحماية من الاعتداء الخارجي بما تحمي به دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم وسائر مقدسا تهم ، وعلى الأمة أن تبذل دماءها وأموالها في سبيل الدفاع عنهم ومنعهم من أي اعتداء خارجي كما تبذلها في حماية دماء أبنائها وأعراضهم وأموالهم ولهم على ذلك الذمة والميثاق ، والنصوص الشرعية وكلمات الفقهاء والأئمة قاطعة في تقرير هذه الحقوق لهم ، ووقائع التاريخ الإسلامي شاهد عدل على وفاء الأمة والأئمة بهذه الحقوق .
كما حماهم الإسلام من الظلم الداخلي . فمن أرادهم بظلم داخل المجتمع الإسلامي تصدت له الدولة الإسلامية بسلطانها وشوكتها للضرب على يده ومنعه من ذلك مهما كانت سطوة المعتدي وأيا كان موقعه في الدولة الإسلامية ، وقد انتصف عمر بن الخطاب لقبطي مصر استطال عليه ابن عمرو بن العاص والي مصر من قبل عمر ومكنه من القصاص منه ، بل مكنه من عمرو بن العاص نفسه لأن ابنه لم يستطل على هذا القبطي إلا بسلطانه ، ثم أرسل كلمته المشهورة التي ما زالت تقصها دواوين التاريخ ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟) وحسبنا في التغليظ على ذلك وتأكيد حرمته ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم : ( ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة)
حرمة أموالهم وأعراضهم :
وقال حسان إن الذمة كالإسلام في تحريم الأموال والأعراض ، وقد أجمع أهل العلم كما يقول ابن المنذر على أن الله عز وجل حرم أموال المسلمين والمعاهدين بغير حق فالأموال محرمة بنص كتاب الله عز وجل ، وبالأخبار الثابتة عن رسول الله وبإجماع أهل العلم في ذلك إلا بطيب نفس من المالكين من التجارات والهبات والعطايا وغير ذلك والمسلمون وأهل الذمة في هذه الحماية سواء
أضاف : لم يتوقف الأمر على حماية أموالهم وأعراضهم فحسب . بل إن لأﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ في ﻛﻨﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ الإسلامية الحق في ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ بما ﻳﺸﺎﺀﻭﻥ ، ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻋﻘﺪﺕ لهم ﺍﻟﺬﻣﺔ ﻭﻗﺒﻠﺖ ﻣﻨﻬﻢ الجزية ، فلا يحل ﺍﻟﺘﻌﺮﺽ لهم ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺪﻳﻨﻮﻥ به ﻣﻬﻤﺎ ﻛـﺎﻥ ﻣﻮﻗـﻒ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻨﻪ ، ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﺍﻋﺘﻘﺪﻭﺍ حله في ﺩﻳﻨﻬم مما ﻻ ﺃﺫﻯ للمسلمين ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺷﺮﺏ الخمر ﻭﻧﻜﺎﺡ المحارم ونحوه لا يجوز ﻷﺣﺪ ﺍﻟﺘﻌﺮض لهم فيه ، ﺑﻞ ﻟﻮ ﺍﺳﺘﺄﺟﺮ المسلم ﻳﻬﻮﺩﻳـﺎ ﻓﺈﻥ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺴﺒﺖ مستثنى ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺍﻹﺟﺎﺯﺓ ﻭﻟﻴﺲ لحاكم ﺃﻥ يحضر ﻳﻬﻮﺩﻳﺎ ﻳﻮﻡ ﺍﻟـﺴﺒﺖ إلى مجلس ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﺍ لما يعتقدونه ﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻟﻮ ﺍﺳﺘﺄﺟﺮ ﻧﺼﺮﺍﻧﻴﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻨﻌﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﺇﱃ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﻟﻮ ﺗﺰﻭﺝ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ شرب الخمر ﻭﻻ صلاتها في ﺑﻴﺘﻬا إلى ﺍﻟﺸﺮﻕ ، ﻭﻻ ﻣﻦ ﺻﻴﺎﻡ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﻭﺟﻮﺑﻪ ﻭﺇﻥ ﻓـﻮﺕ ﻋﻠﻴـﻪ ﺣـق في الاستمتاع بها في ﻭﻗﺘﻪ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ، ﻭﻟﻮ ﺗﺰﻭﺝ ﺑﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻓﻠﻴﺴﻞ ﻟﻪ ﺇﻟﺰﺍﻣﻬـا بمضاجعته ﻭﻫـﻲ حائض لمباشرتها بما ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻔﺮﺝ ، ولا حملها ﻋﻠﻰ ﺃﻛﻞ ﺍﻟﺸﺤﻮﻡ ﻭﺍﻟﻠﺤﻮم المحرمة في دينها .
ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﻜﺴﺐ :
وأشار المؤلف إلى أن الإسلام ﺃعطى الذميين الحق في ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺘﻜـﺴﺐ ﻛﻤـﺎ ﻳـﺸﺎﺀﻭﻥ ،فاﻟﺬﻣﻴﻮن في المعاملات ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺍﺕ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ كالمسلمين ، ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﺟﺎﺯ ﻟﻨـﺎ ﻣـﻦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻋﺎﺕ جاز لهم ﻣﺴﺌﻠﻪ، ﺑﻞ ﻻ ﻧﺒﻌﺪ ﺍﻟﻨﺠﻌﺔ ﺇﻥ ﻗﻠﻨﺎ ﺇﻧﻪ ﺃﻋﻄﺎهم في هذا المقام ما لم يعط نظيره للمسلمين، ﻓﻘﺪ منع المسلم ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭة في الخمر والخنزير ﻭﺃﻗﺮﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ، ﺑـﻞ ضمن لهم ﻣﺎ ﻳﺘﻠﻒ من خمرهم وخنزيرهم ﺇﺫﺍ ﺍﻋﺘﺪﻯ ﻋﻠﻴﻪ مسلم في ﺃﻇﻬﺮ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﻓﻌﻘﺪﻫﻢ على الخمر والخنزير ﻛﻌﻘﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ العصير ﻭﺍﻟﺸﺎﻩ ، ﻓﻔﻲ المدونة في فقه المالكية : ( ﻗﻠﺖ : ﺃﺭﺃﻳﺖ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ إذا تظالموا ﻓﻴﻤﺎ بينهم في الخمر أيحكم ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ؟ ﻗﺎﻝ : ﻧﻌﻢ لأنها مال من أموالهم ، ﻗﻠﺖ : ﺃﺭﺃﻳﺖ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﻏﺼﺐ نصرانيا خمرا ؟ ﻗﺎﻝ لك ﻋﻠﻴﻬﺎ قيمتها في ﻗﻮﻝ ﻣﺎﻟﻚ , ﻗﻠﺖ : ﻭﻣﻦ ﻳﻘﻮﻣﻬﺎ ؟ ﻗﺎﻝ: ﺃﻫﻲ ﺩﻳﻨﻬﻢ ).
أضاف : أما المعاملات ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﻓﻬﻲ ﺷﺎﻫﺪ ﻋﺪﻝ ﻭﺻﺪﻕ على سماحة ﻫـﺬﺍ ﺍﻟـﺪﻳﻦ ﻭﺳﺒﻘﻪ لكل المواثيق البشرية في ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﺎﻟﻌﻬﻮﺩ ﻭﺻﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ، فقد تحدث ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻋﻦ رد تحيتهم بمثلها ﺃﻭ ﺑﺄﺣﺴﻦ ﻣﻨﻬﺎ ، ﻭﻋﻦ ﻋﻴﺎﺩﺓ ﻣﺮﺿﺎﻫﻢ ، ﻭﻋﻦ تعزيتهم بموتاهم ، ﻭﻋﻦ ﻗﺒﻮﻝ ﻫﺪﺍﻳﺎﻫﻢ وغير ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺻﻮﺭ البر بهم والإقساط ﺇﻟﻴﻬﻢ ، ﻓﻘﺪ ﻋـﺎد النبي صلى الله عليه وسلم ﻏﻼﻣﺎ يهوديا كان يخدمه ﻭﻋﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﺄﺳﻠﻢ فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ : ( الحمد لله ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﻘﺬﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ) وقبل النبي صلى الله عليه وسلم ﺩﻋﻮﺓ ﺍلمرﺃﺓ اليهودية التي دعته إلى ﺷﺎﺓ ﻭﺩﺳﺖ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻢ ، ﻭﺃﻣﺮ ﻋﻠﻲ بن أبي ﻃﺎﻟﺐ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺭﻱ ﺃﺑﺎﻩ ﻋﻨﺪﻣﺎ آذنه بموته ، ﻭﻋﻨﺪ ﻣﺎ ﻣﺎﺗـﺖ أم أبي ﻭﺍﺋﻞ ﻭﻫﻲ ﻧﺼﺮﺍﻧﻴﺔ سأل في ﺫﻟﻚ ﻋﻤﺮ ﻓﻘﺎﻝ: اركب في ﺟﻨﺎﺯتها .
ﻭﻻ يخفى ﺃﻥ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻮﻃﺔ ﺑﺎﻗﺘﻀﺎﺀ الحاجة ﺇﻟﻴﻪ ﻛﺼﻠﺔ ﺭﺣﻢ ، أو تعين المشيع لمواراته ، ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ تطييبا لخاطر ﺃﺭﺣﺎﻣﻪ من المسلمين ﺃﻭ ﺗﺄﻟﻔﺎ ﻟﻘﻠﻮﺏ ﺑﻌـﺾ غير المسلمين ﺭﺟﺎﺀ أسلامهم ونحوه من المصالح المعتبرة شرعا . واليكم نماذج ﻣﻦ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ :
قال تعالى : { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }. [الممتحنة:8] ﻓﺎﻹﺳﻼﻡ ﻳﻮﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﺗﺒﺎﻋﻪ أن يبروا ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ ، ﻭﺃﻥ ﻳﻌﺪﻟﻮﺍ ﻣﻌﻬـﻢ ﻷنهم ﻭﺇﻥ خالفوهم في ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﻻ ﻳﻌﻠﻨﻮﻥ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻋﻠﻴﻬﻢ ، ﺑﻞ ﻳﺴﻜﻨﻮﻥ ﺑﻼﺩ المسلمين ويخضعون ﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ .
والتاريخ أفضل شاهد فأهل الذمة في ﻇﻞ ﺩﻭﻟﺔ الإسلام بما لم يكونوا يحلمون به في ﻇﻞ الدولة التي كانت تشاركهم في ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺗﺴﻮﺳﻬﻢ ﻭﻓﻖ ﻣﺒﺎﺩئه .
ﻛﻔﺎﻳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻭﺗﺄمين ﺷﺎﻣل :
ﺇﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ رضي الله عنه يوجه إلى ﻭﺍﻟﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﺑﻴﺎﻧﺎ ﻳـﺬﻛﺮﻩ ﻓﻴـﻪ ﺑﻮﺍﺟﺒـﺎﺕ وظيفته نحو ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺮﻋﺎﻩ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ من غير المسلمين ، ﻭﻳﻄﻠﺐ منه في ﺣﺰﻡ ﻭﺻﺮﺍﻣﺔ ﺃﻥ ﻳﺘﻔﻘﺪ ﺃﺣﻮﺍ ﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ ، ﻭﺍﻥ ﻳﻘﻒ ﺑﻨﻔﺴﻪ على جميع ﺷﺌﻮنهم ، ﻭﺍﻥ يفرض لهم في ﺑﻴـﺖ ﻣـﺎﻝ المسلمين ما يكفي لتأمين ﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ ﻭﺳﺪ ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ وتوفير الغنى لهم حتى لا يتعرض ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﺬﻝ السؤال في مجتمع ﺍﻹﺳﻼﻡ .
بين التأمين الإسلامي والتأمين المعاصر
ﻭﻟﻘﺪ ﻃﻠﺐ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ رضي الله عنه ﻣﻦ ﻋﺪﻱ ﺍﺑﻦ ﺃﺭﻃﺄﺓ ﺃﻥ ﻳﺆﻣﻦ ﺃﻫـﻞ ﺍﻟﺬﻣـﺔ ﺿـﺪ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﻭﺿﺪ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻭﺍﻟﻌﺠﺰ ، ﻭﺿﺪ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﻔﺎﻗﺔ ، ﻭﻫﺬﻩ ﺃﻧﻮﺍﻉ التأمين التي تقررها نظم التأمين الاجتماعي الحديث ، غير أن التأمين ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺮﺭﻩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﻻ ﻳﻄﺒﻖ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺪﻓﻊ أقساط التأمين ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻋﻤﻠﻪ ، وهو لا يمنح المؤمن ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟـﺴﺪ ﺣﺎﺟﺎﺗـﻪ وتوفير ﺍﻟﻌﻴﺶ الكريم ﻟﻪ ، ﺑﻞ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﺍﻟﻘﺴﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻓﻌﻪ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻋﻤﻠﻪ ، ﻓﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﻗﺴﻄﺎ أكبر يستحق تأمينا أكبر ﺩﻭﻥ نظر إلى شدة الحالة وضعفها .
أما التأمين ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺮﺭﻩ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﻫﻨﺎ فهو تأمين ﻳﺆﺩﻱ ﻟﻜﻞ ﻋـﺎﺟﺰ ﻋـﻦ ﻛﺴﺐ رزقه وتحصيل ﻋﻴﺸﻪ ﺩﻭﻥ ﺇﻟﺰﺍﻣﻪ ﻣﻘﺪﻣﺎ ﺑﺪﻓﻊ ﺃﻗﺴﺎﻁ هذا التأمين , إنه تأمين يفرض في بيت مال المسلمين ويسد لهم جميع الحاجات , ويكفل لهم ﺣﺪ ﺍﻟﻜﻔﺎﻳﺔ والغنى .
الجزية مساهمة محدودة وعادلة في ﺃﻋﺒﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ الإسلامية :
وأكد المؤلف أن الحاقدين ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ الذين يجهلون ﺸﺮﻳﻌﺘﻪ أكثروا الكلام عن الجزية على غير حقيقتها ﻭﻫـﺬﻩ ﺑﻌـﺾ الأضواء ﻋﻠﻰ حقيقة الجزية :
الجزية ضريبة ﻳﺪﻓﻌﻬﺎ ﻛﻞ ﺑﺎﻟﻎ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺴﺐ ، ﻓـﻼ يدفعها الصبي ولا المرأة ﻭﻻ ﺍﻟﺸﻴﺦ الفاني ولا المريض ﺍﻟﺰﻣﻦ ، ﻭﻻ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰ ﻋـﻦ ﺍﻟﻌﻤـﻞ ﻭﺍﻟﻜﺴﺐ . ﺃﻣﺎ ﻣﻘﺪﺍﺭﻫﺎ ﻓﻤﺒﻠﻎ ﻗﻠﻴﻞ يدخل في الاستطاعة ، وليس في ﺃﺩﺍﺋﻪ ﻋﺐﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻻ ﻳﻔﺮﺿﻬﺎ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﺟﺰﻳﺔ ﻋﻠﻴﻪ ، ﺑﻞ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ مال المسلمين ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻴﻪ ﻭﻋﻴﺎﻟﻪ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻋﻤﺮ بن الخطاب رضي الله عنه ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ رآه يتسول ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ .
ﻭﻟﻘﺪ ﻇﻦ بعض الجاهلين ﺑﺄﺣﻜﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ أن الجزية ﻧﻮﻉ ﻏﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ ﺧـﺺ ﺑﻪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ دون المسلمين ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻳﻔﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺅﻭﺱ ﻻ ﻋﻠـﻰ ﺍﻷﻣـﻮﺍﻝ ﻓﻴﻠﺰﻡ ﺑﻪ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﺑﺼﺮﻑ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ الاقتصادي الذي يمارسه ﻭﺍﻟﺮﺑﺢ الذي يحصله ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ .
ﻭﻧﺴﻲ هؤلاء ﺃﻭ ﺗﻨﺎﺳﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﻔﺮﺽ ﺯﻛﺎﺓ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺮﺅﻭﺱ ﻛـﺬﻟﻚ ﻭﻫﻲ ﺯﻛﺎﺓ ﺗﻔﺮﺽ على المسلمين ﻭﺣﺪﻫﻢ ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺯﻛﺎﺓ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﺗﻔﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ ﺳﻮﺍء ﻛﺎﻥ ﺭﺟﻼ ﺃﻭ ﺍﻣﺮﺃﺓ صغيرا أو كبيرا ﺣﺮﺍ ﺃﻭ ﻋﺒﺪﺍ ، ﺻﺤﻴﺤﺎ ﺃﻭ ﻣﺮﻳﻀﺎ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺴﺐ ﺃﻭ ﻋﺎﺟﺰﺍ ﻋﻨﻪ ، ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﻭﻟﻴﻪ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ . أما الجزية ﻓﻼ ﻳﺪﻓﻌﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﻮﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﻜﺴﺐ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق