الأربعاء، 2 أبريل 2014

كتاب : حقوق الذميين في الشريعة الإسلامية



كتاب : حقوق الذميين في الشريعة الإسلامية
عرض: عماد عاشور
أضيف فى 1433/11/13 الموافق 2012/09/29 - 10:51 ص

بين هذه السطور رد واضح على كل من اتهم الإسلام بالعنف , أو قال إن الإسلام قد انتشر بحد السيف ولا يحفظ لغير معتقديه حقوقهم! . فبين أيدينا إصدار جديد من سلسلة أبحاث مجمع فقهاء الشريعة في أمريكا لمؤلفه الدكتور حسين حامد حسان أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة , رئيس الجامعة الإسلامية العالمية إسلام أباد ( باكستان سابقا ) .  وقد تناول الدكتور حسان الأحكام الفقهية والحقوق الشرعية  المتعلقة بأهل الذمة في دار الإسلام , وحمايتهم من الاعتداء الخارجي والداخلي , وبيان حرمة أموالهم وأعراضهم , مبينا أن الإسلام سمح لهم بحرية العمل والكسب لذلك وضعه تحت عنوان (حقوق الذميين في الشريعة الإسلامية ) ليبين كيف اعتنى الإسلام بحقوق غير المسلمين والأحكام الواردة من اعتدى على تلك الحقوق , موضحا كل حكم على النحو التالي :
 حقوق الذميين في دار الإسلام
وبين المؤلف أن الذمة هي العهد والأمان ، وأهل الذمة هم غير المسلمين الذي يعيشون في كنف الدولة الإسلامية على أن يكون لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم ، فتبذل لهم الحماية من الاعتداء الخارجي ، والمنع من الظلم الداخل ي ، مقابل مبلغ من المال لا يفرض إلا على القادر منهم ، ولهم على ذلك ذمة الله ورسوله . حيث يقول الماوردي رحمه الله في معرض بيانه لما ينشئته عقد الذمة من الحقوق للذميين : (ويلتزم لهم ببذل الجزية حقان : أحدهما : الكف عنهم ، والثاني : الحماية لهم ، ليكونوا بالكف آمنين ، وبالحماية محروسين )
وأوجز الدكتور حسان القول في إظهار حقوق غير المسلمين في دار الإسلام بما يلي :
الحماية من الاعتداء الخارجي :
فلأهل الذمة في المجتمع الإسلامي حق الحماية من الاعتداء الخارجي بما تحمي به دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم وسائر مقدسا تهم ، وعلى الأمة أن تبذل دماءها وأموالها في سبيل الدفاع عنهم ومنعهم من أي اعتداء خارجي كما تبذلها في حماية دماء أبنائها وأعراضهم وأموالهم ولهم على ذلك الذمة والميثاق ، والنصوص الشرعية وكلمات الفقهاء والأئمة قاطعة في تقرير هذه الحقوق لهم ، ووقائع التاريخ الإسلامي شاهد عدل على وفاء الأمة والأئمة بهذه الحقوق .
كما حماهم الإسلام من الظلم الداخلي . فمن أرادهم بظلم داخل المجتمع الإسلامي تصدت له الدولة الإسلامية بسلطانها وشوكتها للضرب على يده ومنعه من ذلك مهما كانت سطوة المعتدي وأيا كان موقعه في الدولة الإسلامية ، وقد انتصف عمر بن الخطاب لقبطي مصر استطال عليه ابن عمرو بن العاص والي مصر من قبل عمر ومكنه من القصاص منه ، بل مكنه من عمرو بن العاص نفسه لأن ابنه لم يستطل على هذا القبطي إلا بسلطانه ، ثم أرسل كلمته المشهورة التي ما زالت تقصها دواوين التاريخ ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟) وحسبنا في التغليظ على ذلك وتأكيد حرمته ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم : ( ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة)
حرمة أموالهم وأعراضهم :
وقال حسان إن الذمة كالإسلام في تحريم الأموال والأعراض ، وقد أجمع أهل العلم كما يقول ابن المنذر على أن الله عز وجل حرم أموال المسلمين والمعاهدين بغير حق فالأموال محرمة بنص كتاب الله عز وجل ، وبالأخبار الثابتة عن رسول الله وبإجماع أهل العلم في ذلك إلا بطيب نفس من المالكين من التجارات والهبات والعطايا وغير ذلك والمسلمون وأهل الذمة في هذه الحماية سواء
أضاف : لم يتوقف الأمر على حماية أموالهم وأعراضهم فحسب . بل إن لأﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ في ﻛﻨﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ الإسلامية الحق في ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ بما ﻳﺸﺎﺀﻭﻥ ، ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻋﻘﺪﺕ لهم ﺍﻟﺬﻣﺔ ﻭﻗﺒﻠﺖ ﻣﻨﻬﻢ الجزية ، فلا يحل ﺍﻟﺘﻌﺮﺽ لهم ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺪﻳﻨﻮﻥ به  ﻣﻬﻤﺎ ﻛـﺎﻥ ﻣﻮﻗـﻒ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻨﻪ  ،   ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﺍﻋﺘﻘﺪﻭﺍ حله في ﺩﻳﻨﻬم مما ﻻ ﺃﺫﻯ للمسلمين ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺷﺮﺏ الخمر ﻭﻧﻜﺎﺡ المحارم ونحوه لا يجوز ﻷﺣﺪ ﺍﻟﺘﻌﺮض لهم فيه ، ﺑﻞ ﻟﻮ ﺍﺳﺘﺄﺟﺮ المسلم ﻳﻬﻮﺩﻳـﺎ ﻓﺈﻥ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺴﺒﺖ مستثنى ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺍﻹﺟﺎﺯﺓ ﻭﻟﻴﺲ لحاكم ﺃﻥ يحضر ﻳﻬﻮﺩﻳﺎ ﻳﻮﻡ ﺍﻟـﺴﺒﺖ إلى مجلس  ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﺍ لما يعتقدونه ﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻌﻤﻞ  ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻟﻮ ﺍﺳﺘﺄﺟﺮ ﻧﺼﺮﺍﻧﻴﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻨﻌﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﺇ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﻟﻮ ﺗﺰﻭﺝ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻨﺼﺮﺍﻧﻴﺔ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ شرب الخمر  ﻭﻻ صلاتها في ﺑﻴﺘﻬا إلى ﺍﻟﺸﺮﻕ ، ﻭﻻ ﻣﻦ ﺻﻴﺎﻡ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﻭﺟﻮﺑﻪ ﻭﺇﻥ ﻓـﻮﺕ ﻋﻠﻴـﻪ ﺣـق في الاستمتاع بها في  ﻭﻗﺘﻪ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ، ﻭﻟﻮ ﺗﺰﻭﺝ ﺑﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻓﻠﻴﺴﻞ ﻟﻪ ﺇﻟﺰﺍﻣﻬـا بمضاجعته ﻭﻫـﻲ حائض لمباشرتها بما ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻔﺮﺝ ، ولا حملها ﻋﻠﻰ ﺃﻛﻞ ﺍﻟﺸﺤﻮﻡ ﻭﺍﻟﻠﺤﻮم المحرمة في دينها .
ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﻜﺴﺐ :
وأشار المؤلف إلى أن الإسلام ﺃعطى الذميين الحق في ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺘﻜـﺴﺐ ﻛﻤـﺎ ﻳـﺸﺎﺀﻭﻥ ،فاﻟﺬﻣﻴﻮن في المعاملات ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺍﺕ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺘﺼﺮﻓﺎﺕ كالمسلمين ، ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﺟﺎﺯ ﻟﻨـﺎ ﻣـﻦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻋﺎﺕ جاز لهم ﻣﺴﺌﻠﻪ، ﺑﻞ ﻻ ﻧﺒﻌﺪ ﺍﻟﻨﺠﻌﺔ ﺇﻥ ﻗﻠﻨﺎ ﺇﻧﻪ ﺃﻋﻄﺎهم في هذا المقام ما لم يعط نظيره للمسلمين، ﻓﻘﺪ منع المسلم ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭة في الخمر والخنزير ﻭﺃﻗﺮﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ، ﺑـﻞ ضمن لهم ﻣﺎ ﻳﺘﻠﻒ من خمرهم وخنزيرهم ﺇﺫﺍ ﺍﻋﺘﺪﻯ ﻋﻠﻴﻪ مسلم في ﺃﻇﻬﺮ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ، ﻓﻌﻘﺪﻫﻢ على الخمر والخنزير ﻛﻌﻘﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ العصير ﻭﺍﻟﺸﺎﻩ ، ﻓﻔﻲ المدونة في فقه المالكية : ( ﻗﻠﺖ  : ﺃﺭﺃﻳﺖ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ إذا تظالموا ﻓﻴﻤﺎ بينهم في الخمر أيحكم ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ؟ ﻗﺎﻝ : ﻧﻌﻢ لأنها مال من أموالهم ، ﻗﻠﺖ  : ﺃﺭﺃﻳﺖ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﻏﺼﺐ نصرانيا خمرا ؟ ﻗﺎﻝ لك ﻋﻠﻴﻬﺎ قيمتها في ﻗﻮﻝ ﻣﺎﻟﻚ , ﻗﻠﺖ  : ﻭﻣﻦ ﻳﻘﻮﻣﻬﺎ ؟ ﻗﺎﻝ: ﺃﻫﻲ ﺩﻳﻨﻬﻢ ).
أضاف : أما المعاملات ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﻓﻬﻲ  ﺷﺎﻫﺪ ﻋﺪﻝ ﻭﺻﺪﻕ على سماحة ﻫـﺬﺍ ﺍﻟـﺪﻳﻦ ﻭﺳﺒﻘﻪ لكل المواثيق البشرية في ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﺎﻟﻌﻬﻮﺩ ﻭﺻﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ، فقد تحدث ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻋﻦ رد تحيتهم بمثلها ﺃﻭ ﺑﺄﺣﺴﻦ ﻣﻨﻬﺎ ، ﻭﻋﻦ ﻋﻴﺎﺩﺓ ﻣﺮﺿﺎﻫﻢ ، ﻭﻋﻦ تعزيتهم بموتاهم ، ﻭﻋﻦ ﻗﺒﻮﻝ ﻫﺪﺍﻳﺎﻫﻢ وغير ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺻﻮﺭ البر بهم والإقساط ﺇﻟﻴﻬﻢ ، ﻓﻘﺪ ﻋـﺎد النبي صلى الله عليه وسلم ﻏﻼﻣﺎ يهوديا كان يخدمه ﻭﻋﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﺄﺳﻠﻢ فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ : ( الحمد لله ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﻘﺬﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ) وقبل النبي صلى الله عليه وسلم ﺩﻋﻮﺓ ﺍلمرﺃﺓ اليهودية التي دعته إلى ﺷﺎﺓ ﻭﺩﺳﺖ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻢ ، ﻭﺃﻣﺮ ﻋﻠﻲ بن أبي ﻃﺎﻟﺐ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺭﻱ ﺃﺑﺎﻩ ﻋﻨﺪﻣﺎ آذنه بموته ، ﻭﻋﻨﺪ ﻣﺎ ﻣﺎﺗـﺖ أم أبي ﻭﺍﺋﻞ ﻭﻫﻲ ﻧﺼﺮﺍﻧﻴﺔ سأل في ﺫﻟﻚ ﻋﻤﺮ ﻓﻘﺎﻝ: اركب في ﺟﻨﺎﺯتها .
ﻭﻻ يخفى ﺃﻥ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻮﻃﺔ ﺑﺎﻗﺘﻀﺎﺀ الحاجة ﺇﻟﻴﻪ ﻛﺼﻠﺔ ﺭﺣﻢ ، أو تعين المشيع لمواراته ، ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ تطييبا لخاطر ﺃﺭﺣﺎﻣﻪ من المسلمين ﺃﻭ ﺗﺄﻟﻔﺎ ﻟﻘﻠﻮﺏ ﺑﻌـﺾ غير المسلمين ﺭﺟﺎﺀ أسلامهم ونحوه من المصالح المعتبرة شرعا . واليكم نماذج ﻣﻦ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ  :
قال تعالى : { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }. [الممتحنة:8] ﻓﺎﻹﺳﻼﻡ ﻳﻮﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﺗﺒﺎﻋﻪ أن يبروا ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ ، ﻭﺃﻥ ﻳﻌﺪﻟﻮﺍ ﻣﻌﻬـﻢ ﻷنهم ﻭﺇﻥ خالفوهم في ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﻻ ﻳﻌﻠﻨﻮﻥ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻋﻠﻴﻬﻢ ، ﺑﻞ ﻳﺴﻜﻨﻮﻥ ﺑﻼﺩ المسلمين  ويخضعون ﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ   .
والتاريخ أفضل شاهد فأهل الذمة في ﻇﻞ ﺩﻭﻟﺔ الإسلام بما لم يكونوا يحلمون به في ﻇﻞ الدولة التي كانت تشاركهم في ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺗﺴﻮﺳﻬﻢ ﻭﻓﻖ ﻣﺒﺎﺩئه .
ﻛﻔﺎﻳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻭﺗﺄمين ﺷﺎﻣل :
ﺇﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ رضي الله عنه يوجه إلى ﻭﺍﻟﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﺑﻴﺎﻧﺎ ﻳـﺬﻛﺮﻩ ﻓﻴـﻪ ﺑﻮﺍﺟﺒـﺎﺕ وظيفته نحو ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺮﻋﺎﻩ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ من غير المسلمين ، ﻭﻳﻄﻠﺐ منه في ﺣﺰﻡ ﻭﺻﺮﺍﻣﺔ ﺃﻥ ﻳﺘﻔﻘﺪ ﺃﺣﻮﺍ ﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ ، ﻭﺍﻥ ﻳﻘﻒ ﺑﻨﻔﺴﻪ على جميع ﺷﺌﻮنهم ، ﻭﺍﻥ يفرض لهم في ﺑﻴـﺖ ﻣـﺎﻝ المسلمين ما يكفي لتأمين ﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ ﻭﺳﺪ ﺣﺎﺟﺘﻬﻢ وتوفير الغنى لهم حتى لا يتعرض ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﺬﻝ السؤال في مجتمع ﺍﻹﺳﻼﻡ   .
بين التأمين الإسلامي والتأمين المعاصر
ﻭﻟﻘﺪ ﻃﻠﺐ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ رضي الله عنه ﻣﻦ ﻋﺪﻱ ﺍﺑﻦ ﺃﺭﻃﺄﺓ ﺃﻥ ﻳﺆﻣﻦ ﺃﻫـﻞ ﺍﻟﺬﻣـﺔ ﺿـﺪ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﻭﺿﺪ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻭﺍﻟﻌﺠﺰ ، ﻭﺿﺪ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﻔﺎﻗﺔ ، ﻭﻫﺬﻩ ﺃﻧﻮﺍﻉ التأمين التي تقررها نظم التأمين الاجتماعي الحديث ، غير أن التأمين ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺮﺭﻩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﻻ ﻳﻄﺒﻖ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺪﻓﻊ أقساط التأمين ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻋﻤﻠﻪ ، وهو لا يمنح المؤمن ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟـﺴﺪ ﺣﺎﺟﺎﺗـﻪ وتوفير ﺍﻟﻌﻴﺶ الكريم ﻟﻪ ، ﺑﻞ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﺍﻟﻘﺴﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻓﻌﻪ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻋﻤﻠﻪ ، ﻓﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﻗﺴﻄﺎ أكبر يستحق تأمينا أكبر ﺩﻭﻥ نظر إلى شدة الحالة وضعفها .
أما التأمين ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺮﺭﻩ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﻫﻨﺎ فهو تأمين ﻳﺆﺩﻱ ﻟﻜﻞ ﻋـﺎﺟﺰ ﻋـﻦ ﻛﺴﺐ رزقه وتحصيل ﻋﻴﺸﻪ ﺩﻭﻥ ﺇﻟﺰﺍﻣﻪ ﻣﻘﺪﻣﺎ ﺑﺪﻓﻊ ﺃﻗﺴﺎﻁ هذا التأمين , إنه تأمين يفرض في بيت مال المسلمين ويسد لهم جميع الحاجات , ويكفل لهم ﺣﺪ ﺍﻟﻜﻔﺎﻳﺔ والغنى .
الجزية مساهمة محدودة وعادلة في ﺃﻋﺒﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ الإسلامية :
وأكد المؤلف أن الحاقدين ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ الذين يجهلون ﺸﺮﻳﻌﺘﻪ أكثروا الكلام عن الجزية على غير حقيقتها ﻭﻫـﺬﻩ ﺑﻌـﺾ الأضواء ﻋﻠﻰ حقيقة الجزية   :
الجزية ضريبة ﻳﺪﻓﻌﻬﺎ ﻛﻞ ﺑﺎﻟﻎ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺴﺐ ، ﻓـﻼ يدفعها الصبي ولا المرأة ﻭﻻ ﺍﻟﺸﻴﺦ الفاني ولا المريض ﺍﻟﺰﻣﻦ ، ﻭﻻ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰ ﻋـﻦ ﺍﻟﻌﻤـﻞ ﻭﺍﻟﻜﺴﺐ . ﺃﻣﺎ ﻣﻘﺪﺍﺭﻫﺎ ﻓﻤﺒﻠﻎ ﻗﻠﻴﻞ يدخل في الاستطاعة ، وليس في ﺃﺩﺍﺋﻪ ﻋﺐﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻻ ﻳﻔﺮﺿﻬﺎ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﺟﺰﻳﺔ ﻋﻠﻴﻪ ، ﺑﻞ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ مال المسلمين ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻴﻪ ﻭﻋﻴﺎﻟﻪ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻋﻤﺮ بن الخطاب رضي الله عنه ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ رآه يتسول ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ .
ﻭﻟﻘﺪ ﻇﻦ بعض الجاهلين ﺑﺄﺣﻜﺎﻡ ﺍﻹﺳﻼﻡ أن الجزية ﻧﻮﻉ ﻏﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ ﺧـﺺ ﺑﻪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ دون المسلمين ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻳﻔﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺅﻭﺱ ﻻ ﻋﻠـﻰ ﺍﻷﻣـﻮﺍﻝ ﻓﻴﻠﺰﻡ ﺑﻪ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﺑﺼﺮﻑ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ الاقتصادي الذي يمارسه ﻭﺍﻟﺮﺑﺢ الذي يحصله ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ .
ﻭﻧﺴﻲ هؤلاء ﺃﻭ ﺗﻨﺎﺳﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻳﻔﺮﺽ ﺯﻛﺎﺓ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﻋﻠﻰ  ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﺮﺅﻭﺱ ﻛـﺬﻟﻚ ﻭﻫﻲ ﺯﻛﺎﺓ ﺗﻔﺮﺽ على المسلمين ﻭﺣﺪﻫﻢ ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﺯﻛﺎﺓ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﺗﻔﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ ﺳﻮﺍء ﻛﺎﻥ ﺭﺟﻼ ﺃﻭ ﺍﻣﺮﺃﺓ صغيرا أو كبيرا ﺣﺮﺍ ﺃﻭ ﻋﺒﺪﺍ ، ﺻﺤﻴﺤﺎ ﺃﻭ ﻣﺮﻳﻀﺎ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺴﺐ ﺃﻭ ﻋﺎﺟﺰﺍ ﻋﻨﻪ ، ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﻭﻟﻴﻪ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ . أما الجزية ﻓﻼ ﻳﺪﻓﻌﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﻮﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﻜﺴﺐ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق