الخميس، 18 سبتمبر 2014

العمليات الانتحارية

العمليات  الانتحارية
يحكي لنا الكتاب المقدس حدوتة شمشون الجبار وعشيقته دليلة و الذي تكمن سر قوته في خصلات شعره فإذا قُص شعره فقد قوته وإذا نبت ثانية عادت إليه قوته ثم تستمر دراما الحدوتة بأن يستطيع أعداؤه بمساعدة دليلة من قص شعر شمشون وبالتالي ذهبت قوته ويتم حبسه ثم يأخذونه إلى معبدهم ، وهم لم يلاحظوا أن شعره نبت ثانية ، وهناك في المعبد يقوم شمشون الجبار بعملية انتحارية حيث يقوم بهدم عمودين من أعمدة الهيكل على نفسه وعلى أعدائه فيموت شمشون وأعدائه في نفس الوقت .... وهنا تنتهي الحدوتة
وبالرغم من أن الجميع يعتبر هذه الحدوتة أسطورة لا تمت إلى الحقيقة بصلة إلا أن اليهود والنصارى يعتبرونها قصة حقيقية وان شمشون هذا بمثابة نبي ( رجل الله) . وليس هذا هو مقام نقد القصة[1] ولكن التساؤل هو هل يُعتبر شمشون مات منتحراً لأنه قتل نفسه ؟ عُرض هذا السؤال على شنودة الثالث بابا الأقباط الأرثوذكس وإليكم نص السؤال والإجابة
سؤال : شمشون الجبار لم يمت ميتة طبيعية ، ولم يقتله أحد، ولكنه هو الذي تسبب في قتل نفسه . فهل نعتبره قد مات منتحراً ؟
الجواب : كلا . لم يمت شمشون منتحراً ، وإنما مات فدائياً. فالمنتحر هو الذي هدفه أن يقتل نفسه . وشمشون لم يكن هذا هو هدفه . إنما كان هدفه أن يقتل أعداء الرب من الوثنيين وقتذاك . فلو كان هذا الغرض لا يتحقق إلا بأن يموت معهم ، فلا مانع من أن يبذل نفسه للموت ويموت معهم . هكذا قال عبارته المعروفة " لتمت نفسي مع الفلسطينيين" (قضاة30:16 ) ... وكانوا وقتذاك وثنيين ... لو كان قصده أن ينتحر ، لكانت تكفي عبارة " لتمت نفسي" .. أما عبارة لتمت نفسي معهم . معناها أنهم هم الغرض ، وهو يموت معهم . ولقد اُعتبر شمشون من رجال الإيمان في (عبرانيين 32:11) لأنه جاهد لحفظ الإيمان ،بالتخلص من الوثنية في زمانه . فقد كانت الحرب وقتذاك ليست بين وطن وآخر ، وإنما كانت في حقيقتها حرباً بين الإيمان والوثنية ...)[2]
 والشاهد من هذا الكلام أن بابا الأقباط الأرثوذكس لا يرى مانعاً من العمليات الإنتحارية طالما أن الغرض منها هو نصرة الإيمان (فلا مانع من أن يبذل نفسه للموت ويموت معهم ) .
والشاهد الثاني: أن العهد الجديد لا يمانع ولا يعترض على مثل هذه العمليات الانتحارية حيث يعتبر فاعلها من أبطال الإيمان.
أما عن الكنيسة الإنجيلية فتأتي شهادتها على لسان منيس عبد النور راعي كنيسة قصر الدوبارة حيث يقول :
( الذي يقرأ قصة موت شمشون في قضاة 23:16-31 يرى أن شمشون مات تائباً إلى الله ، نادماً على خطاياه ، ولم يقصد الانتحار ، بل قصد الانتقام من أعداء الرب . وهو يشبه الجندي الشجاع الذي يموت في المعركة إذ تقول آية 30 " فكان الموتى الذين أماتهم في موته أكثر من الذين أماتهم في حياته " )[3]
وبالرغم من عدم اتفاقنا مع القس في ادعائه أن سبب الخلاف بين شمشون والفلسطينيين هو أنه أراد الانتقام من أعداء الرب فالحقيقة أن سبب الخلاف هي فزورة قالها لهم شمشون)فَقَالَ لَهُمْ شَمْشُونُ: «لَأُحَاجِيَنَّكُمْ لُغَزاً, فَإِذَا حَلَلْتُمُوهُ لِي فِي سَبْعَةِ أَيَّامِ الْوَلِيمَةِ وَأَصَبْتُمُوهُ أُعْطِيكُمْ ثَلاَثِينَ قَمِيصاً وَثَلاَثِينَ حُلَّةَ ثِيَابٍ  ( قضاة  12:14 
 ثم تحايلوا على زوجته ليعرفوا حل الفزورة  فاغتاظ شمشون وبدأ الخلاف معهم ولكن قبل ذلك كان شمشون يذهب إليهم  ويتزوج منهم ويذهب إلى بيت امرأة زانية ( دليلة) تمتهن الدعارة وكان يقيم لهم الولائم فالقضية ليست قضية دينية ، وحتى عندما هدم المعبد كان لينتقم منهم لسبب شخصي وهو أنهم أفقدوه بصره فقال أثناء هدمه المعبد
 (فدعا شَمْشُوْنُ الرَّبَّ وَقالَ: يَا سَيِّدِي الرَّبَّ اذْكُرْنِِي وَشَدِّدْنِي يَا اللَّهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ فَقَطْ فَأَنْتَقِمَ نَِقْمَةً وَاحِدَةً عَنْ عَيْنَيَّ مِنَ الْفِلِسْطِيْنِيِّيْنَ) قضاة 28:16     
وبالرغم من كل هذا فالذي يهمنا هو رأي القس في العمليات الإنتحارية حيث يظهر موافقته عليها طالما أن المقصد هو
(الإنتقام من أعداء الرب )

 
[1] لمعرفة سبب الخلاف بين شمشون والفلسطينيين راجع كتابنا تحريف مخطوطات الكتاب المقدس ـ ص 239
[2] سنوات مع أسئلة الناس ـ أسئلة خاصة بالكتاب المقدس ـ شنودة الثالث ـ ص50 و 51 ـ رقم إيداع 11972/2001
[3] شبهات وهمية حول الكتاب المقدس ـ  منيس عبد النور ـ ص 140

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق