الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

القول بأن معاوية سم الحسن رضي الله عنه

عرض المقالة : رد الشبهات حول معاويه رضي الله عنه
http://www.riadalsona.com/play.php?catsmktba=3237

تحميل كتاب مقاتل الطالبين 
https://archive.org/stream/moukatel.www.booksjadid.blogspot.com/pdf#page/n83/mode/2up

https://www.youtube.com/watch?v=1aJjVW7heCw

http://alburhan.com/main/articles.aspx?article_no=5640#.VBkGl8UlnTo


http://www.hawaalive.com/women/a7t-t118449.html

http://www.bayanelislam.net/Suspicion.aspx?id=03-01-0118&value=&type=


http://www.fnoor.com/main/articles.aspx?article_no=5655#.VBkCPsUlnTo

القول بأن معاوية سم الحسن رضي الله عنه

يقول أحدهم (( كيف يريدونه صحابياً عادلاً وقد دسّ السم للحسن بن علي سيد شباب أهل الجنّة وقتله ))
ويقول (( كيف يحكمون بإجتهاده وقد دسّ السم للحسن بن علي سيد شباب أهل الجنة فقتله، ولعلهم يقولون: هذا أيضاً من اجتهاده فقد اجتهد وأخطأ!)).
فأقول: هذا الادعاء باطل وذلك لأسباب وهي:
أ  أنه لم يثبت ولا دليل صحيح عليه وإن كان عند صاحبنا نقل ثابت عن عدل فليرشدنا إليه لا أن يتهم صحابيا دون أن يأتي ببينة على ادعائه.
ب  كان الناس في تلك المرحلة في حالة فتنة تتصارعهم الأهواء وكل فرقة تنسب للأخرى ما يذمها وإذا نقل لنا ذلك فيجب ألا نقبله إلا إذا نقل بعدل ثقة ضابط.
ج  لقد نقل أن الذي سمّ الحسن غير معاوية فقيل هي زوجته وقيل أن أباها الأشعث بن قيس هو الذي أمرها بذلك وقيل معاوية وقيل ابنه يزيد وهذا التضارب بالذي سمّ الحسن يضعف هذه النقول لأنه يعزوها النقل الثابت بذلك، وصاحبنالم يعجبه من هؤلاء إلا الصحابي معاوية مع أنه أبعد هؤلاء عن هذه التهمة.
ث  حجة صاحبنا هذه تستسيغها العقول في حالة رفض الحسن الصلح مع معاوية ومقاتلته على الخلافة ولكن الحق أنّ الحسن صالح معاوية وسلّم له بالخلافة وبايعه، فعلى أي شيء يسمّ معاوية الحسن؟! ولهذه الأسباب أقول أن حجة هذا الطاعن هذه خاوية على عروشها!
رد آخر على زعمهم أنه سمّ الحسن بن علي - رضي الله عنهم - !!
كانت وفاة الحسن بن علي رضي الله عنه سنة ( 51ه )  ، وصلى عليه سعيد بن العاص رضي الله عنه والي المدينة من قبل معاوية من سنة ( 49  – 54ه ) . انظر : طبقات ابن سعد ( القسم المفقود ) تحقيق محمد بن صامل ( 1 / 341 – 344 ) .
  ولم يرد في خبر وفاة الحسن بن علي رضي الله عنه بالسم خبر صحيح أو رواية ذات أسانيد صحيحة .. وفي ما يلي أقوال أهل العلم في هذه المسألة :-
 - قال ابن العربي رحمه الله في العواصم ( ص 220 – 221 ) : فإن قيل : دس – أي معاوية - على الحسن من سمه ، قلنا هذا محال من وجهين :-
  أحدهما : أنه ما كان ليتقي من الحسن بأساً وقد سلّم الأمر .
  الثاني : أنه أمر مغيب لا يعلمه إلا الله ، فكيف تحملونه بغير بينة على أحد من خلقه ، في زمن متباعد ، لم نثق فيه بنقل ناقل ، بين أيدي قوم ذوي أهواء ، وفي حال فتنة وعصبية ، ينسب كل واحد إلى صاحبه مالا ينبغي ، فلا يقبل منها إلا الصافي ، ولا يسمع فيها إلا من العدل الصميم .
 - قال ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة ( 4 / 469 ) : وأما قوله : إن معاوية سم الحسن ، فهذا مما ذكره بعض الناس ، ولم يثبت ذلك ببينة شرعية ، أو إقرار معتبر ، ولا نقل يجزم به ، وهذا مما لا يمكن العلم به ، فالقول به قول بلا علم .
  - قال الذهبي رحمه الله في تاريخ الإسلام ( عهد معاوية ) ( ص 40 ) : قلت : هذا شيء لا يصح فمن الذي اطلع عليه .
 - قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية ( 8 / 43 ) : وروى بعضهم أن يزيد بن معاوية بعث إلى جعدة بنت الأشعث أن سُمّي الحسن وأنا أتزوجك بعده ، ففعلت ، فلما مات الحسن بعثت إليه فقال : إنا والله لم نرضك للحسن أفنرضاك لأنفسنا ؟ وعندي أن هذا ليس بصحيح ، وعدم صحته عن أبيه معاوية بطريق الأولى والأحرى .
  - قال ابن خلدون في تاريخه ( 2 / 649 ) : وما نقل من أن معاوية دس إليه السم مع زوجته جعدة بنت الأشعث ، فهو من أحاديث الشيعة ، وحاشا لمعاوية من ذلك .
  وقد علق الدكتور جميل المصري على هذه القضية في كتابه : أثر أهل الكتاب في الفتن والحروب الأهلية في القرن الأول الهجري ( ص 482 ) بقوله : .. ثم حدث افتعال قضية سم الحسن من قبل معاوية أو يزيد .. ويبدو أن افتعال هذه القضية لم يكن شائعاً آنذاك ؛ لأننا لا نلمس لها أثراً في قضية قيام الحسين ، أو حتى عتاباً من الحسين لمعاوية .
  قلت : ثم إن الناس في تلك المرحلة في حالة فتنة تتصارعهم الأهواء ، وكل فرقة تنسب للأخرى مايذمها وإذا نقل لنا خبر كهذا فإنه يجب علينا ألا  نقبله إلا إذا نقل عن عدل ثقة ضابط .. وقد حاول البعض من الإخباريين والرواة أن يوجدوا علاقة بين البيعة ليزيد وبين وفاة الحسن بالسم .
ثم إن الذي نُقِلَ لنا عن حادثة سم الحسن بن علي رضي الله عنه روايات متضاربة ضعيفة ، بعضها يقول أن الذي دس السم له هي زوجته ، وبعضها يقول أن أباها الأشعث بن قيس هو الذي أمرها بذلك ، وبعضها يتهم معاوية رضي الله عنه بأن أوعز إلى بعض خدمه فسمه ، وبعضها يتهم ابنه يزيد .. وهذا التضارب في حادثة كهذه ، يضعف هذه النقول ؛ لأنه يعزوها النقل الثابت بذلك ، وهؤلاء لم يعجبهم من هؤلاء إلا الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه يلصقون به التهمة ، مع أنه أبعد هؤلاء عنها ..
وقلت أيضاً : إن هذه الحادثة – قصة دس السم من قبل معاوية للحسن – تستسيغها العقول في حالة واحدة فقط ؛ وهي كون الحسن بن علي رضي الله عنه رفض الصلح مع معاوية وأصر على القتال ، ولكن الذي حدث أن الحسن رضي الله عنه صالح معاوية وسلم له بالخلافة طواعية وبايعه عليها ، فعلى أي شيء يقدم معاوية رضي الله عنه على سم الحسن ؟!
وإن من الدلالة على ضعف تلك الاتهامات وعدم استنادها إلى معقول أو محسوس ، ما ذكر حول ع لاقة جعدة بنت قيس بمعاوية ويزيد ، حيث زعموا أن يزيد بن معاوية أرسل إلى جعدة بنت قيس أن سمي حسناً فإني سأتزوجك ، ففعلت ، فلما مات الحسن بعثت جعدة إلى يزيد تسأله الوفاء ، فقال : إنا والله لم نرضك له أفنرضاك لأنفسنا .
ولعل الناقد لمتن هذه الرواية يتجلى له عدة أمور :-
 1- هل معاوية رضي الله عنه أو ولده يزيد بهذه السذاجة ليأمرا امرأة الحسن بهذا الأمر الخطير ، الذي فيه وضع حد لحياة الحسن بن علي غيلة ، وما هو موقف معاوية أو ولده أمام المسلمين لو أن جعدة كشفت أمرهما ؟!
 2- هل جعدة بنت الأشعث بن قيس بحاجة إلى شرف أو مال حتى تسارع لتنفيذ هذه الرغبة من يزيد ، وبالتالي تكون زوجة له ، أليست جعدة ابنة أمير قبيلة كندة كافة وهو الأشعث بن قيس ، ثم أليس زوجها وهو الحسن بن علي أفضل الناس شرفاً ورفعة بلا منازعة ، إن أمه فاطمة وجده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكفى به فخراً ، وأبوه علي بن أبي طالب أحد العشرة المبشرين بالجنة ورابع الخلفاء الراشدين ، إذاً ما هو الشيء الذي تسعى إليه جعدة وستحصل عليه حتى تنفذ هذا العمل الخطير ؟!
 3- لقد وردت الروايات التي تفيد أن الحسن قال : لقد سقيت السم مرتين ، وفي رواية ثلاث مرات ، وفي رواية سقيت السم مراراً ، هل بإمكان الحسن أن يفلت من السم مراراً إذا كان مدبر العملية هو معاوية أو يزيد ؟! نعم إن عناية الله وقدرته فوق كل شيء ، ولكن كان باستطاعة معاوية أن يركز السم في المرة الأولى ولا داعي لهذا التسامح مع الحسن المرة تلو المرة !!
 4-  وإذا كان معاوية رضي الله عنه يريد أن يصفي الساحة من المعارضين حتى يتمكن من مبايعة يزيد بدون معارضة ، فإنه سيضطر إلى تصفية الكثير من أبناء الصحابة ، ولن تقتصر التصفية على الحسن فقط .
 5- وإن بقاء الحسن من صالح معاوية في بيعة يزيد ، فإن الحسن كان كارهاً للنزاع وفرقة المسلمين ، فربما ضمن معاوية رضاه ، وبالتالي يكون له الأثر الأكبر في موافقة بقية أبناء الصحابة .
 6-  ثم إن هناك الكثير من أعداء الحسن بن علي رضي الله عنه ، قبل أن يكون معاوية هو المتهم الأول ، فهناك السبئية الذين وجه لهم الحسن صفعة قوية عندما تنازل عن الخلافة لمعاوية وجعل حداً لصراع المسلمين ، وهناك الخوارج الذين قاتلهم أبوه علي بن أبي طالب رضي الله عنه في النهراون وهم الذين طعنوه في فخذه ، فربما أرادوا الانتقام من قتلاهم في النهروان وغيرها .
ولمزيد فائدة راجع كتاب : أثر التشيع على الروايات التاريخية في القرن الأول الهجري للدكتور محمد نور ولي ( ص 367 – 368 ) لتقف على الكم الهائل من الروايات المكذوبة على معاوية رضي الله عنه في قضية سم الحسن .. وكتاب : مواقف المعارضة في خلافة يزيد بن معاوية للدكتور محمد بن عبد الهادي الشيباني ( ص 120- 125 ) .
ويكفي أن خبركم أن أحد مؤرخيهم وهو ابن رستم في كتابه : دلائل الإمامة ( ص 61 ) قد بالغ في اتهام معاوية رضي الله عنه ، وادعى أنه سم الحسن سبعين مرة فلم يفعل فيه السم ، ثم ساق خبراً طويلاً ضمنه ما بذله معاوية لجعدة من الأموال والضياع لتسم الحسن ، وغير ذلك من الأمور الباطلة.
  مناقشة الجانب الطبي في روايات السم
بعدما تبينت براءة معاوية رضي الله عنه وابنه يزيد من تهمة سم الحسن بن علي رضي الله عنهما ، فيما سبق من أقوال العلماء ، وما سردناه من تحليلات ، فإنه مما يناسب المقام مناقشة الجانب الطبي في المرويات التي تحدثت عن وفاة الحسن رضي الله عنه بالسم ، ويمكنك مراجعة هذه المرويات الضعيفة في طبقات ابن سعد القسم المفقود بتحقيق الدكتور محمد بن صامل ( 1 / 334 – 339 ) .
وفيما يلي النصوص الخاصة بالجانب الطبي في هذه المسألة :-
  1- أخرج ابن سعد بإسناده ، أن الحسن رضي الله عنه دخل كنيفاً له ، ثم خرج فقال : .. والله لقد لفظت الساعة طائفة من كبدي قبل ، قلبتها بعود كان معي ، وإني سقيت السم مراراً فلم أسق مثل هذا . طبقات ابن سعد ( 1 / 336 ) .
2-  أخرج ابن سعد بإسناده ، أن الحسن رضي الله عنه قال : إني قد سقيت السم غير مرة ، وإني لم أسق مثل هذه ، إني لأضع كبدي . المصدر السابق ( 1 / 338 ) .
 3-   أخرج ابن سعد بإسناده ، قال : كان الحسن بن علي سقي السم مراراً ، كل ذلك يفلت منه ، حتى كان المرة الأخيرة التي مات فيها ، فإنه كان يختلف كبده . المصدر السابق ( 1 / 339 ) .
  هذا ؛ وبعرض النصوص المتعلقة بالجانب الطبي في هذه المسألة على أ.د. كمال الدين حسين الطاهر أستاذ علم الأدوية ، كلية الصيدلة جامعة الملك سعود بالرياض ، أجاب بقوله :
 ( لم يشتك المريض – أي الحسن بن علي رضي الله عنه – من أي نزف دموي سائل ، مما يرجح عدم إعطائه أي مادة كيميائية أوسم ذات قدرة على إحداث تثبيط لعوامل تخثر الدم ، فمن المعروف أن بعض الكيميائيات والسموم ، تؤدي إلى النزف الدموي ؛ وذلك لقدرتها على تثبيط التصنيع الكبدي لبعض العوامل المساعدة على تخثر الدم ، أو لمضادات تأثيراتها في عملية التخثر ؛ ولذلك فإن تعاطي هذه المواد سيؤدي إلى ظهور نزف دموي في مناطق متعددة من أعضاء الجسم مثل العين والأنف والفم والجهاز المعدي – المعوي – وعند حدوث النزف الدموي في الجهاز المعدي  – المعوي – يخرج الدم بشكل نزف دبري سائل ، منفرداً أو مخلوطاً مع البراز ، ولا يظهر في شكل جمادات أو قطع دموية صلبة كانت أو إسفنجية ، أو في شكل ( قطع من الكبد ) ، ولذلك يستبعد إعطاء ذلك المريض أحد المواد الكيميائية ، أو السموم ذات القدرة على إحداث نزف دموي ) .
  وعن طبيعة قطع الدم المتجمدة التي أشارت الروايات إلى أنها قطع من الكبد ، يقول أ.د. كمال الدين حسين الطاهر :
  ( هناك بعض أنواع سرطانات أو أورام الجهاز المعدي  – المعوي – الثابتة أو المتنقلة عبر الأمعاء ، أو بعض السرطانات المخاطية التي تؤدي إلى النزف الدموي المتجمد ، المخلوط مع الخلايا ، وبطانات الجهاز المعدي – المعوي – وقد تخرج بشكل جمادات ( قطع من الكبد كما في الروايات ) ، ولذلك فإني أرجح أن ذلك المريض قد يكون مصاباً بأحد سرطانات ، أو أورام الأمعاء ) . راجع كتاب : مرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري  للدكتور خالد الغيث ( ص 395 – 397 ) .
  وإن ثبت موت الحسن رضي الله عنه بالسم ، فهذه شهادة له وكرامة في حقه كما قال بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة ( 4/ 42 ) .
    مقال آخر في شبهة اتهام معاوية بدس السم للحسن وقتله .. ولكن هذه الشبهة لم تأتي من فراغ خاصة أن هناك رواية يتمسك بها المبتدعة تتحدث عن معاهدة الصلح والتي اشترط فيها الحسن على معاوية بأن تكون الخلافة له من بعده .. فكان أمام معاوية هذه العقبة ، لذا فإنه لما بدأ يفكر في البيعة ليزيد لم يجد من أن يدس السم إليه ، ليتخلص من الشرط !!!
ولمعرفة أبعاد هذه القضية وهذه الشبهة ، ثم الخروج بحكم صحيح كان لابد من معرفة كيفية الصلح وما هي الشروط التي اقتضاها ذلك الصلح ..
    كان الحسن رضي الله عنه معارضاً لخروج أبيه لقتال أهل الجمل وأهل الشام ، كما جاء ذلك بإسناد حسن عند ابن أبي شيبة في المصنف (15/99-100) ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ( 42/456-457) .. ثم لما رأى تلك المعارك التي لاشك أنها تركت في نفسه جرحاً بليغاً ، خاصة بعد أن رأى تحول المسلمين من فاتحين ومجاهدين إلى جماعات متناحرة شاهرين الرماح في وجوه بعضهم البعض .. ورأى كيف سقط الآلاف من المسلمين ، بسبب تلك الحروب التي لاتخدم إلا أعداء الإسلام .. ثم إنه بالتأكيد قد أحس بتلك الأصابع الخفية ، التي ساعدت على تأجيج وتوسيع الخلاف بين المسلمين ..
    بعد استشهاد علي رضي الله عنه ، اجتمع أنصار علي واختاروا الحسن خليفة لهم من بعد أبيه ، وبايع الحسن أهل العراق على بيعتين : بايعهم على الإمرة ، وبايعهم على أن يدخلوا فيما يدخل فيه ، ويرضوا بما رضي به . انظر : طبقات ابن سعد الطبقة الخامسة ( 5/257 ) بإسناد حسن .
    وبعد أن أخذ البيعة منهم قال لهم : الحقوا بطينتكم وإني والله ما أحب أن ألي من إمرة أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما يزيد على ذرة خردل يهراق منهم محجم دم . انظر : طبقات ابن سعد الطبقة الخامسة ( 5/257 ) بإسناد صحيح .
    هنا ارتاب أهل العراق من شرط الحسن عندما بايعهم ، ووقع في حسّهم أن الحسن ليس بصاحب قتال ، وقد تعرض الحسن رضي الله عنه لمحاولة اغتيال من قبل أحد الخوارج حينما طعنه في وركه طعنة خطيرة ، مرض منها الحسن طويلاً وكادت أن تودي بحياته .. انظر : المعجم الكبير للطبراني ( 3 / 61 ) بإسناد حسن .
    وهذا التصرف جعل الحسن يزداد بغضاً لأهل الكوفة ، فراسل معاوية في الصلح . وفي المقابل راسل معاوية الحسن ووافق على الصلح ، هنا استشار الحسن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب في هذا التصرف فأيده . طبقات ابن سعد ، الطبقة الخامسة ( 269 ) بسند صحيح .
    هذا وقد مرت قضية الصلح بمراحل عدة ، أشار إليها الدكتور خالد الغيث في كتابه القيم مرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري ( ص 126 – 135 ) وهذا مختصرها :-
 المرحلة الأولى : دعوة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للحسن بأن يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ، فتلك الدعوة المباركة هي التي دفعت الحسن رضي الله عنه إلى الإقدام على الصلح بكل ثقة وتصميم .
 المرحلة الثانية : الشرط الذي وضعه الحسن أساساً لقبوله مبايعة أهل العراق له ، بأن يسالموا من يسالم ويحاربوا من يحارب .
المرحلة الثالثة : محاولة الاغتيال التي تعرض لها الحسن رضي الله عنه على يد الخوارج ، كما ذكر ذلك ابن سعد في الطبقات (1/323 ) بسند حسن .
 المرحلة الرابعة : إجبار الحسن رضي الله عنه على الخروج لقتال أهل الشام من غير رغبة منه ، وهذا الأمر أشار إليه ابن كثير رحمه الله في البداية ( 8/14 ) بقوله : ولم يكن في نية الحسن أن يقاتل أحد ، ولكن غلبوه على رأيه ، فاجتمعوا اجتماعاً عظيماً لم يسمع بمثله ..
 المرحلة الخامسة : خروج معاوية رضي الله عنه من الشام وتوجهه إلى العراق ، بعد أن وصل إليه خبر خروج الحسن من الكوفة ..
 المرحلة السادسة : تبادل الرسل بين الحسن ومعاوية ، ووقوع الصلح بينهما رضان الله عليهما .
 المرحلة السابعة : المحاولة الثانية لاغتيال الحسن رضي الله عنه ، حيث أنه بعد أن نجحت المفاوضات بين الحسن ومعاوية ، شرع الحسن في تهيئة نفوس أتباعه على تقبل الصلح الذي تم ، فقام فيهم خطيباً ، وبينما هو يخطب إذ هجم عليه بعض معسكره محاولين قتله ، ولكن الله أنجاه منهم . انظر هذا الخبر في الأخبار الطوال للدينوري ( ص 216 – 217 ) .
 المرحلة الثامنة : تنازل الحسن بن علي عن الخلافة وتسليمه الأمر إلى معاوية رضوان الله عليهم أجمعين . انظر خبر هذه المرحلة عند الطبراني في الكبير ( 3 / 26 ) بسند حسن وفضائل الصحابة للإمام أحمد ( 2 / 769 ) بسند صحيح .
قال أبو سلمة التبوذكي رحمه الله في معرض الإشادة بجمع عثمان بن عفان رضي الله عنه القرآن : وكان في جمعه القرآن كابي بكر في الردة . السنة للخلال ( 322 ) .
قلت : وكذلك كان الحسن رضوان الله عليه في صلحه مع معاوية رضي الله عنه في حقنه لدماء المسلمين ، كعثمان في جمعه القرآن وكأبي بكر في الردة .
ولا أدل على ذلك من كون هذا الفعل من الحسن يعد علماً من أعلام النبوة ، والحجة في ذلك ما سجله البخاري في صحيحه لتلك اللحظات الحرجة من تاريخ الأمة المسلمة حين التقى الجمعان ، جمع أهل الشام وجمع أهل العراق ، عن أبي موسى قال : سمعت الحسن – أي البصري - يقول : استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال ، فقال عمرو بن العاص : إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها . فقال له معاوية - وكان والله خير الرجلين - : أي عمرو ، إن قتل هؤلاء ، هؤلاء وهؤلاء ، هؤلاء من لي بأمور الناس ؟ من لي بنسائهم ؟ من لي بضيعتهم ؟ فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس – عبد الله بن سمرة وعبد الله بن عامر بن كريز – فقال : اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه . فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له وطلبا إليه . فقال لهما الحسن بن علي : إنّا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال – أي فرقنا منه في حياة علي وبعده ما رأينا في ذلك صلاحاً ، قال ابن حجر : فنبه على ذلك خشية أن يرجع عليه بما تصرف فيه ( 13 / 70 ) – وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها – أي المعسكرين الشامي والعراقي قد قتل بعضها بعضاً ، فلا يكفون عن ذلك إلا بالصفح عما مضى منهم - قالا : فإنه يعرض عليك كذا وكذا ويطلب إليك ويسألك ، قال : فمن لي بهذا ؟ قالا : نحن لك به ، فما سألهما شيئاً إلا قالا نحن لك به فصالحه ، فقال الحسن - أي البصري - : ولقد سمعت أبا بكرة يقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر - والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول - : إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين . صحيح البخاري مع الفتح (5/361) والطبري (5/158) .
و في هذه القصة فوائد كثيرة أفادها الحافظ في الفتح (13/71-72) منها :-
1- عَلَمٌ من أعلام النبوة .
2- فيها منقبة للحسن بن علي رضي الله عنهما ، فإنه ترك الملك لا لقلة ولا لذلة ولا لعلة ، بل لرغبته فيما عند الله ، ولما رآه من حقن دماء المسلمين ، فراعى أمر الدين ومصلحة الأمة .
3- فيها ردّ على الخوارج الذين كانوا يكفرون علياً ومن معه ومعاوية ومن معه ، بشهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للطائفتين بأنهم من المسلمين .
4- فيها دلالة على فضيلة الإصلاح بين الناس ، ولا سيما في حقن دماء المسلمين .
5- فيها دلاله على رأفة معاوية بالرعية وشفقته على المسلمين ، وقوة نظره في تدبير الملك ونظره في العواقب .
6- فيها جواز خلع الخليفة نفسه إذا رأى في ذلك صلاحاً للمسلمين .
7- وفيه جواز ولاية المفضول مع وجود الأفضل ، لأن الحسن ومعاوية ولي كل منهما الخلافة وسعد بن أبي وقاص (ت 55ه) وسعيد بن زيد (ت51ه) في الحياة وهما بدريان .
قال ابن بطال معلقاً على رواية البخاري : هذا يدل على أن معاوية كان هو الراغب في الصلح ، وأنه عرض على الحسن المال ورغبه فيه ، وحثه على رفع السيف ، وذكره ما موعده جده صلى الله عليه وآله وسلم من سيادته في الإصلاح به . انظر : الفتح ( 13 / 69 ) .
وهناك رواية أخرى أخرجها ابن سعد في الطبقات ( 1 / 330 – 331 ) بسند صحيح وهي لا تقل أهمية عن رواية البخاري في الصلح ، وتعد مكملة لها ، وهي من طريق عمرو بن دينار : إن معاوية كان يعلم أن الحسن أكره للفتنة ، فلما توفي علي بعث إلى الحسن فأسلح الذي بينه وبينه سراً ، وأعطاه معاوية عهداً إن حدث به حدث والحسن حي لَيُسَمِّينَّهُ – أي يرشحه للخلافة من بعده - ، وليجعلن هذا الأمر إليه ، فلما وثق منه الحسن ، قال ابن جعفر : والله إني لجالس عند الحسن إذ أخذت لأقوم فجذب بثوبي وقال : اقعد يا هَناهُ – أي يا رجل – اجلس ، فجلست ، قال : إني قد رأيت رأياً وأحب أن تتابعني عليه ، قال : قلت : ما هو ؟ قال : قد رأيت أن أعمد إلى المدينة فأنزلها وأخلي بين معاوية وبين هذا الحديث ، فقد طالت الفتنة ، وسقت فيها الدماء وقطعت فيها الأرحام ، وقطعت السبل ، وعطلت الفروج – يعني الثغور - ، فقال ابن جعفر : جزاك الله عن أمة محمد فأنا معك على هذا الحديث ، فقال الحسن : اع لي الحسين ، فبعث إلى الحسين فأتاه فقال : يا أخي أني قد رأيت رأياً وإني أحب أن تتابعني عليه ، قال : ما هو ؟ قال : فقص عليه الذي قال لابن جعفر ، قال الحسين : أعيذك بالله أن تكذب علياً في قبره وتصدق معاوية ، قال الحسن : والله ما أردت أمراً قط إلا خالفتني إلى غيره ، والله لقد هممت أن أقذفك في بيت فأطينه عليك حتى أقضي أمري ، قال : فلما رأى الحسين غضبه قال : أنت أكبر ولد علي ، وأنت خليفته ، وأمرنا لأمرك فافعل ما بدا لك .
والحقيقة أن الرغبة في الصلح كانت موجودة لدى الطرفين الحسن ومعاوية ، فقد سعى الحسن رضي الله عنه إلى الصلح ، وخطط له منذ اللحظات الأولى لمبايعته ، ثم جاء معاوية فأكمل ما بدأه الحسن ، فكان عمل كل واحد منهما مكملاً للآخر رضوان الله عليهم أجمعين .
ومن خلال النصين السابقين ، وبالتدقيق في الروايات التي تنص على طلب الحسن الخلافة بعد معاوية ، نجد أنها تتنافى مع قوة وكرم الحسن ؛ فكيف يتنازل عن الخلافة حقناً لدماء الأمة وابتغاء مرضاة الله ، ثم يوافق على أن يكون تابعاً ، يتطلب أسباب الدنيا وتشرأب عنقه للخلافة مرة أخرى ؟!
و الدليل على هذا ما ذكره جبير بن نفير قال : قلت للحسن بن علي ، إن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة ، فقال كانت جماجم العرب بيدي يسالمون من سالمت ويحاربون من حاربت ، فتركتها ابتغاء وجه الله ، ثم أبتزها بأتياس أهل الحجاز . البلاذري في أنساب الأشراف (3/49) وطبقات ابن سعد ، الطبقة الخامسة ( ص 258) بسند جيد .
وفي اعتقادي أن هذه القصة عبارة عن إشاعة سارت بين الناس وبالذات بين أتباع الحسن ، ثم إنه من الملاحظ أن أحداً من أبناء الصحابة أو الصحابة أنفسهم ، لم يذكروا خلال بيعة يزيد شيئاً من ذلك ، فلو كان الأمر كما تذكر الروايات عن ولاية العهد ، لاتخذها الحسين رضي الله عنه حجة ، وقال أنا أحق بالخلافة ، ولكن لم نسمع شيئاً من ذلك على الإطلاق .
ومما يؤيد هذا الاعتقاد ، ما قرره الأستاذ محمد ضيف الله بطاينة في مقال له منشور في مجلة الجامعة الإسلامية العدد ( 83 – 84 ) سنة 1409ه ، حيث قال : وربما أن هذه الإشاعة – قضية ولاية عهد الحسن بعد معاوية – أطلقت في ظروف متأخرة ، أرادت التعريض بالبيعة ليزيد ، واتهام معاوية بالخروج على الشورى في استخلافه ولده يزيد ، وهي قضية جرت في فترة تالية من الصلح بين الحسن ومعاوية .
ادعاء البعض على معاوية أنه حوّل الخلافة من الشورى إلى ملكية قيصرية بقوله: (( كيف ينزّهونه وقد أخذ البيعة من الأمة بالقوة والقهر لنفسه أولاً ثم لابنه الفاسق يزيد من بعده وبدّل نظام الشورى بالملكية القيصرية ))
وبعد علي استولى معاوية على الخلافة فأبدلها قيصرية ملكية يتداولاها بنو أمية ومن بعدهم بنو العباس أبا عن جد ولم يكن هناك خليفة إلاّ بنص السابق عن اللاّحق أو بقوة السيف والسلاح والإستيلاء، فلم تكن هناك بيعة صحيحة في التاريخ الإسلامي من عهد الخلفاء وحتى عهد كمال أتاتورك الذي قضى على الخلافة الإسلامية إلا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ))

وفاة الحسن بن علي رضي الله عنهما
كانت وفاة الحسن بن علي رضي الله عنه سنة (51هـ) مسموماً، وصلى عليه سعيد بن العاص رضي الله عنه والي المدينة من قبل معاوية من سنة (49 - 54هـ). انظر: طبقات ابن سعد (القسم المفقود) تحقيق محمد بن صامل (1/ 341 - 344).
ولم يرد في خبر وفاة الحسن بن علي رضي الله عنه بالسم خبر صحيح أورواية ذات أسانيد صحيحة .. وفي ما يلي أقوال أهل العلم في هذه المسألة:-
1 - قال ابن العربي رحمه الله في العواصم (ص 220 - 221): فإن قيل: دس - أي معاوية - على الحسن من سمه، قلنا هذا محال من وجهين:-
أحدهما: أنه ما كان ليتقي من الحسن بأساً وقد سلّم الأمر.
الثاني: أنه أمر مغيب لا يعلمه إلا الله، فكيف تحملونه بغير بينة على أحد من خلقه، في زمن متباعد، لم نثق فيه بنقل ناقل، بين أيدي قوم ذوي أهواء، وفي حال فتنة وعصبية، ينسب كل واحد إلى صاحبه مالا ينبغي، فلا يقبل منها إلا الصافي، ولا يسمع فيها إلا من العدل الصميم.
2 - قال ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة (4/ 469): وأما قوله: إن معاوية سم الحسن، فهذا
مما ذكره بعض الناس، ولم يثبت ذلك ببينة شرعية، أوإقرار معتبر، ولا نقل يجزم به، وهذا مما لا يمكن العلم به، فالقول به قول بلا علم.
- قال الذهبي رحمه الله في تاريخ الإسلام (عهد معاوية) (ص 40): قلت: هذا شيء لا يصح فمن الذي اطلع عليه.
4 - قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (8/ 43): وروى بعضهم أن يزيد بن معاوية بعث إلى جعدة بنت الأشعث أن سُمّي الحسن وأنا أتزوجك بعده، ففعلت، فلما مات الحسن بعثت إليه فقال: إنا والله لم نرضك للحسن أفنرضاك لأنفسنا؟ وعندي أن هذا ليس بصحيح، وعدم صحته عن أبيه معاوية بطريق الأولى والأحرى.
5 - قال ابن خلدون في تاريخه (2/ 649): وما نقل من أن معاوية دس إليه السم مع زوجته جعدة بنت الأشعث، فهومن أحاديث الشيعة، وحاشا لمعاوية من ذلك.
وقد علق الدكتور جميل المصري على هذه القضية في كتابه: أثر أهل الكتاب في الفتن والحروب الأهلية في القرن الأول الهجري (ص 482) بقوله: .. ثم حدث افتعال قضية سم الحسن من قبل معاوية أويزيد .. ويبدوأن افتعال هذه القضية لم يكن شائعاً آنذاك؛ لأننا لا نلمس لها أثراً في قضية قيام الحسين، أوحتى عتاباً من الحسين لمعاوية.
قلت: ثم إن الناس في تلك المرحلة في حالة فتنة تتصارعهم الأهواء، وكل فرقة تنسب للأخرى مايذمها وإذا نقل لنا خبر كهذا فإنه يجب علينا ألا نقبله إلا إذا نقل عن عدل ثقة ضابط .. وقد حاول البعض من الإخباريين والرواة أن يوجدوا علاقة بين البيعة ليزيد وبين وفاة الحسن بالسم.
ثم إن الذي نُقِلَ لنا عن حادثة سم الحسن بن علي رضي الله عنه روايات متضاربة ضعيفة، بعضها يقول أن الذي دس السم له هي زوجته، وبعضها يقول أن أباها الأشعث بن قيس هوالذي أمرها بذلك، وبعضها يتهم معاوية رضي الله عنه بأن أوعز إلى بعض خدمه فسمه، وبعضها يتهم ابنه يزيد .. وهذا التضارب في حادثة كهذه، يضعف هذه النقول؛ لأنه يعزوها النقل الثابت بذلك، والرافضة خيبهم الله، لم يعجبهم من هؤلاء إلا الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه يلصقون به التهمة، مع أنه أبعد هؤلاء عنها ..
وقلت أيضاً: إن هذه الحادثة - قصة دس السم من قبل معاوية للحسن - تستسيغها العقول في حالة واحدة فقط؛ وهي كون الحسن بن علي رضي الله عنه رفض الصلح مع معاوية وأصر على القتال، ولكن الذي حدث أن الحسن رضي الله عنه صالح معاوية وسلم له بالخلافة طواعية وبايعه عليها، فعلى أي شيء يقدم معاوية رضي الله عنه على سم الحسن؟؟!!
وإن من الدلالة على ضعف تلك الاتهامات وعدم استنادها إلى معقول أومحسوس، ما ذكر حول علاقة جعدة بنت قيس بمعاوية ويزيد، حيث زعموا أن يزيد بن معاوية أرسل إلى جعدة بنت قيس أن سمي حسناً فإني سأتزوجك، ففعلت، فلما مات الحسن بعثت جعدة إلى يزيد تسأله الوفاء، فقال: إنا والله لم نرضك له أفنرضاك لأنفسنا.
ولعل الناقد لمتن هذه الرواية يتجلى له عدة أمور:-
هل معاوية رضي الله عنه أوولده يزيد بهذه السذاجة ليأمرا امرأة الحسن بهذا الأمر الخطير، الذي فيه وضع حد لحياة الحسن بن علي غيلة، وما هوموقف معاوية أوولده أمام المسلمين لوأن جعدة كشفت أمرهما؟!
هل جعدة بنت الأشعث بن قيس بحاجة إلى شرف أومال حتى تسارع لتنفيذ هذه الرغبة من يزيد، وبالتالي تكون زوجة له، أليست جعدة ابنة أمير قبيلة كندة كافة وهوالأشعث بن قيس، ثم أليس زوجها وهوالحسن بن علي أفضل الناس شرفاً ورفعة بلا منازعة، إن أمه فاطمة وجده الرسول صلى الله عليه وسلم وكفى به فخراً، وأبوه علي بن أبي طالب أحد العشرة المبشرين بالجنة ورابع الخلفاء الراشدين، إذاً ما هوالشيء الذي تسعى إليه جعدة وستحصل عليه حتى تنفذ هذا العمل الخطير؟!
لقد وردت الروايات التي تفيد أن الحسن قال: لقد سقيت السم مرتين، وفي رواية ثلاث مرات، وفي رواية سقيت السم مراراً، هل بإمكان الحسن أن يفلت من السم مراراً إذا كان مدبر العملية هومعاوية أويزيد؟! نعم إن عناية الله وقدرته فوق كل شيء، ولكن كان باستطاعة معاوية أن يركز السم في المرة الأولى ولا داعي لهذا التسامح مع الحسن المرة تلوالمرة!!
وإذا كان معاوية رضي الله عنه يريد أن يصفي الساحة من المعارضين حتى يتمكن من مبايعة يزيد بدون معارضة، فإنه سيضطر إلى تصفية الكثير من أبناء الصحابة، ولن تقتصر التصفية على الحسن فقط.
وإن بقاء الحسن من صالح معاوية في بيعة يزيد، فإن الحسن كان كارهاً للنزاع وفرقة المسلمين، فربما ضمن معاوية رضاه، وبالتالي يكون له الأثر الأكبر في موافقة بقية أبناء الصحابة.
ثم إن هناك الكثير من أعداء الحسن بن علي رضي الله عنه، قبل أن يكون معاوية هوالمتهم الأول، فهناك السبئية الذين وجه لهم الحسن صفعة قوية عندما تنازل عن الخلافة لمعاوية وجعل حداً لصراع المسلمين، وهناك الخوارج الذين قاتلهم أبوه علي بن أبي طالب رضي الله عنه في النهراون وهم الذين طعنوه في فخذه، فربما أرادوا الانتقام من قتلاهم في النهروان وغيرها.
ولمزيد فائدة راجع كتاب: أثر التشيع على الروايات التاريخية في القرن الأول الهجري للدكتور محمد نور ولي (ص 367 - 368) لتقف على الكم الهائل من الروايات المكذوبة على معاوية رضي الله عنه من قبل الشيعة في قضية سم الحسن .. وكتاب: مواقف المعارضة في خلافة يزيد بن معاوية للدكتور محمد بن عبد الهادي الشيباني (ص 120 - 125).
ويكفي أن خبركم أن أحد مؤرخيهم وهوابن رستم في كتابه: دلائل الإمامة (ص 61) قد بالغ في اتهام معاوية رضي الله عنه، وادعى أنه سم الحسن سبعين مرة فلم يفعل فيه السم، ثم ساق خبراً طويلاً ضمنه ما بذله معاوية لجعدة من الأموال والضياع لتسم الحسن، وغير ذلك من الأمور الباطلة.
----------------------------------
مناقشة الجانب الطبي في روايات السم
بعدما تبينت براءة معاوية رضي الله عنه وابنه يزيد من تهمة سم الحسن بن علي رضي الله عنهما، فيما سبق من أقوال العلماء، وما سردناه من تحليلات، فإنه مما يناسب المقام مناقشة الجانب الطبي في المرويات التي تحدثت عن وفاة الحسن رضي الله عنه بالسم، ويمكنك مراجعة هذه المرويات الضعيفة في طبقات ابن سعد القسم المفقود بتحقيق الدكتور محمد بن صامل (1/ 334 - 339).
وفيما يلي النصوص الخاصة بالجانب الطبي في هذه المسألة:-
أخرج ابن سعد بإسناده، أن الحسن رضي الله عنه دخل كنيفاً له، ثم خرج فقال: .. والله لقد لفظت الساعة طائفة من كبدي قبل، قلبتها بعود كان معي، وإني سقيت السم مراراً فلم أسق مثل هذا. طبقات ابن سعد (1/ 336).
أخرج ابن سعد بإسناده، أن الحسن رضي الله عنه قال: إني قد سقيت السم غير مرة، وإني لم أسق مثل هذه، إني لأضع كبدي. المصدر السابق (1/ 338).
أخرج ابن سعد بإسناده، قال: كان الحسن بن علي سقي السم مراراً، كل ذلك يفلت منه، حتى كان المرة الأخيرة التي مات فيها، فإنه كان يختلف كبده. المصدر السابق (1/ 339).
هذا وبعرض النصوص المتعلقة بالجانب الطبي في هذه المسألة على أ. د. كمال الدين حسين الطاهر أستاذ علم الأدوية، كلية الصيدلة جامعة الملك سعود بالرياض، أجاب بقوله:
(لم يشتك المريض - أي الحسن بن علي رضي الله عنه - من أي نزف دموي سائل، مما يرجح عدم إعطائه أي مادة كيميائية أوسم ذات قدرة على إحداث تثبيط لعوامل تخثر الدم، فمن المعروف أن بعض الكيميائيات والسموم، تؤدي إلى النزف الدموي؛ وذلك لقدرتها على تثبيط التصنيع الكبدي لبعض العوامل المساعدة على تخثر الدم، أولمضادات تأثيراتها في عملية التخثر؛ ولذلك فإن تعاطي هذه المواد سيؤدي إلى ظهور نزف دموي في مناطق متعددة من أعضاء الجسم مثل العين والأنف والفم والجهاز المعدي - المعوي - وعند حدوث النزف الدموي في الجهاز المعدي - المعوي - يخرج الدم بشكل نزف دبري سائل، منفرداً أومخلوطاً مع البراز، ولا يظهر في شكل جمادات أوقطع دموية صلبة كانت أوإسفنجية، أوفي شكل (قطع من الكبد)، ولذلك يستبعد إعطاء ذلك المريض أحد المواد الكيميائية، أوالسموم ذات القدرة على إحداث نزف دموي).
وعن طبيعة قطع الدم المتجمدة التي أشارت الروايات إلى أنها قطع من الكبد، يقول أ. د. كمال الدين حسين الطاهر:
(هناك بعض أنواع سرطانات أوأورام الجهاز المعدي - المعوي - الثابتة أوالمتنقلة عبر الأمعاء، أوبعض السرطانات المخاطية التي تؤدي إلى النزف الدموي المتجمد، المخلوط مع الخلايا، وبطانات الجهاز المعدي - المعوي - وقد تخرج بشكل جمادات (قطع من الكبد كما في الروايات)، ولذلك فإني أرجح أن ذلك المريض قد يكون مصاباً بأحد سرطانات، أوأورام الأمعاء). راجع كتاب: مرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري للدكتور خالد الغيث (ص 395 - 397).
وإن ثبت موت الحسن رضي الله عنه بالسم، فهذه شهادة له وكرامة في حقه كما قال بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (4/ 42).

معاوية وسم الحسن
وتقدم معنا في حلقة مضت - الحلقة رقم (13) - الحديث عن شبهة اتهام معاوية بدس السم للحسن وقتله .. ولكن هذه الشبهة لم تأتي من فراغ خاصة أن هناك رواية يتمسك بها المبتدعة تتحدث عن معاهدة الصلح والتي اشترط فيها الحسن على معاوية بأن تكون الخلافة له من بعده .. فكان أمام معاوية هذه العقبة، لذا فإنه لما بدأ يفكر في البيعة ليزيد لم يجد من أن يدس السم إليه، ليتخلص من الشرط!!!
ولمعرفة أبعاد هذه القضية وهذه الشبهة، ثم الخروج بحكم صحيح كان لابد من معرفة كيفية الصلح وما هي الشروط التي اقتضاها ذلك الصلح ..
كان الحسن رضي الله عنه معارضاً لخروج أبيه لقتال أهل الجمل وأهل الشام، كما جاء ذلك بإسناد حسن عند ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 99 - 1..)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (42/ 456 - 457) .. ثم لما رأى تلك المعارك التي لاشك أنها تركت في نفسه جرحاً بليغاً، خاصة بعد أن رأى تحول المسلمين من فاتحين ومجاهدين إلى جماعات متناحرة شاهرين الرماح في وجوه بعضهم البعض .. ورأى كيف سقط الآلاف من المسلمين، بسبب تلك الحروب التي لاتخدم إلا أعداء الإسلام .. ثم إنه بالتأكيد قد أحس بتلك الأصابع الخفية، التي ساعدت على تأجيج وتوسيع الخلاف بين المسلمين ..
بعد استشهاد علي رضي الله عنه، اجتمع أنصار علي واختاروا الحسن خليفة لهم من بعد أبيه، وبايع الحسن أهل العراق على بيعتين: بايعهم على الإمرة، وبايعهم على أن يدخلوا فيما يدخل فيه، ويرضوا بما رضي به. انظر: طبقات ابن سعد الطبقة الخامسة (5/ 257) بإسناد حسن.
وبعد أن أخذ البيعة منهم قال لهم: الحقوا بطينتكم وإني والله ما أحب أن ألي من إمرة أمة محمد صلى الله عليه وسلم ما يزيد على ذرة خردل يهراق منهم محجم دم. انظر: طبقات ابن سعد الطبقة الخامسة (5/ 257) بإسناد صحيح.
هنا ارتاب أهل العراق من شرط الحسن عندما بايعهم، ووقع في حسّهم أن الحسن ليس بصاحب قتال، وقد تعرض الحسن رضي الله عنه لمحاولة اغتيال من قبل أحد الخوارج حينما طعنه في وركه طعنة خطيرة، مرض منها الحسن طويلاً وكادت أن تودي بحياته .. انظر: المعجم الكبير للطبراني (3/ 61) بإسناد حسن.
وهذا التصرف جعل الحسن يزداد بغضاً لأهل الكوفة، فراسل معاوية في الصلح. وفي المقابل راسل معاوية الحسن ووافق على الصلح، هنا استشار الحسن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب في هذا التصرف فأيده. طبقات ابن سعد، الطبقة الخامسة (269) بسند صحيح.
هذا وقد مرت قضية الصلح بمراحل عدة، أشار إليها الدكتور خالد الغيث في كتابه القيم مرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري (ص 126 - 135) وهذا مختصرها:-
o  المرحلة الأولى: دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم للحسن بأن يصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، فتلك الدعوة المباركة هي التي دفعت الحسن رضي الله عنه إلى الإقدام على الصلح بكل ثقة وتصميم.
o  المرحلة الثانية: الشرط الذي وضعه الحسن أساساً لقبوله مبايعة أهل العراق له، بأن يسالموا من يسالم ويحاربوا من يحارب.
o  المرحلة الثالثة: محاولة الاغتيال التي تعرض لها الحسن رضي الله عنه على يد الخوارج، كما ذكر ذلك ابن سعد في الطبقات (1/ 323) بسند حسن.
o  المرحلة الرابعة: إجبار الحسن رضي الله عنه على الخروج لقتال أهل الشام من غير رغبة منه، وهذا الأمر أشار إليه ابن كثير رحمه الله في البداية (8/ 14) بقوله: ولم يكن في نية الحسن أن يقاتل أحد، ولكن غلبوه على رأيه، فاجتمعوا اجتماعاً عظيماً لم يسمع بمثله ..
o  المرحلة الخامسة: خروج معاوية رضي الله عنه من الشام وتوجهه إلى العراق، بعد أن وصل إليه خبر خروج الحسن من الكوفة ..
o  المرحلة السادسة: تبادل الرسل بين الحسن ومعاوية، ووقوع الصلح بينهما رضان الله عليهما.
o  المرحلة السابعة: المحاولة الثانية لاغتيال الحسن رضي الله عنه، حيث أنه بعد أن نجحت المفاوضات بين الحسن ومعاوية، شرع الحسن في تهيئة نفوس أتباعه على تقبل الصلح الذي تم، فقام فيهم خطيباً، وبينما هويخطب إذ هجم عليه بعض معسكره محاولين قتله، ولكن الله أنجاه منهم. انظر هذا الخبر في الأخبار الطوال للدينوري (ص 216 - 217).
o  المرحلة الثامنة: تنازل الحسن بن علي عن الخلافة وتسليمه الأمر إلى معاوية رضوان الله عليهم أجمعين. انظر خبر هذه المرحلة عند الطبراني في الكبير (3/ 26) بسند حسن وفضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 769) بسند صحيح.
قال أبوسلمة التبوذكي رحمه الله في معرض الإشادة بجمع عثمان بن عفان رضي الله عنه القرآن: وكان في جمعه القرآن كابي بكر في الردة. السنة للخلال (322)
قلت: وكذلك كان الحسن رضوان الله عليه في صلحه مع معاوية رضي الله عنه في حقنه لدماء المسلمين، كعثمان في جمعه القرآن وكأبي بكر في الردة.
ولا أدل على ذلك من كون هذا الفعل من الحسن يعد علماً من أعلام النبوة، والحجة في ذلك ما سجله البخاري في صحيحه لتلك اللحظات الحرجة من تاريخ الأمة المسلمة حين التقى الجمعان، جمع أهل الشام وجمع أهل العراق، عن أبي موسى قال: سمعت الحسن - أي البصري - يقول: استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمروبن العاص: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها. فقال له معاوية - وكان والله خير الرجلين -: أي عمرو، إن قتل هؤلاء، هؤلاء وهؤلاء، هؤلاء من لي بأمور الناس؟ من لي بنسائهم؟ من لي بضيعتهم؟ فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس - عبد الله بن سمرة وعبد الله بن عامر بن كريز - فقال: اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه. فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له وطلبا إليه. فقال لهما الحسن بن علي: إنّا بنوعبد المطلب قد أصبنا من هذا المال - أي فرقنا منه في حياة علي وبعده ما رأينا في ذلك صلاحاً، قال ابن حجر: فنبه على ذلك خشية أن يرجع عليه بما تصرف فيه (13/ 7.) - وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها - أي المعسكرين الشامي والعراقي قد قتل بعضها بعضاً، فلا يكفون عن ذلك إلا بالصفح عما مضى منهم - قالا: فإنه يعرض عليك كذا وكذا ويطلب إليك ويسألك، قال: فمن لي بهذا؟ قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئاً إلا قالا نحن لك به فصالحه، فقال الحسن - أي البصري -: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر - والحسن بن علي إلى جنبه وهويقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول -: إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين. صحيح البخاري مع الفتح (5/ 361) والطبري (5/ 158).
وفي هذه القصة فوائد كثيرة أفادها الحافظ في الفتح (13/ 71 - 72) منها:-
1 - عَلَمٌ من أعلام النبوة.
2 - فيها منقبة للحسن بن علي رضي الله عنهما، فإنه ترك الملك لا لقلة ولا لذلة ولا لعلة، بل لرغبته فيما عند الله، ولما رآه من حقن دماء المسلمين، فراعى أمر الدين ومصلحة الأمة.
3 - فيها ردّ على الخوارج الذين كانوا يكفرون علياً ومن معه ومعاوية ومن معه، بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم للطائفتين بأنهم من المسلمين.
4 - فيها دلالة على فضيلة الإصلاح بين الناس، ولا سيما في حقن دماء المسلمين.
5 - فيها دلاله على رأفة معاوية بالرعية وشفقته على المسلمين، وقوة نظره في تدبير الملك ونظره في العواقب.
6 - فيها جواز خلع الخليفة نفسه إذا رأى في ذلك صلاحاً للمسلمين.
7 - وفيه جواز ولاية المفضول مع وجود الأفضل، لأن الحسن ومعاوية ولي كل منهما الخلافة وسعد بن أبي وقاص (ت 55هـ) وسعيد بن زيد (ت51هـ) في الحياة وهما بدريان.
قال ابن بطال معلقاً على رواية البخاري: هذا يدل على أن معاوية كان هوالراغب في الصلح، وأنه عرض على الحسن المال ورغبه فيه، وحثه على رفع السيف، وذكره ما موعده جده صلى الله عليه وسلم من سيادته في الإصلاح به. انظر: الفتح (13/ 69).
وهناك رواية أخرى أخرجها ابن سعد في الطبقات (1/ 33. - 331) بسند صحيح وهي لا تقل أهمية عن رواية البخاري في الصلح، وتعد مكملة لها، وهي من طريق عمروبن دينار: إن معاوية كان يعلم أن الحسن أكره للفتنة، فلما توفي علي بعث إلى الحسن فأسلح الذي بينه وبينه سراً، وأعطاه معاوية عهداً إن حدث به حدث والحسن حي لَيُسَمِّينَّهُ - أي يرشحه للخلافة من بعده -، وليجعلن هذا الأمر إليه، فلما وثق منه الحسن، قال ابن جعفر: والله إني لجالس عند الحسن إذ أخذت لأقوم فجذب بثوبي وقال: اقعد يا هَناهُ - أي يا رجل - اجلس، فجلست، قال: إني قد رأيت رأياً وأحب أن تتابعني عليه، قال: قلت: ما هو؟ قال: قد رأيت أن أعمد إلى المدينة فأنزلها وأخلي بين معاوية وبين هذا الحديث، فقد طالت الفتنة، وسقت فيها الدماء وقطعت فيها الأرحام، وقطعت السبل، وعطلت الفروج - يعني الثغور -، فقال ابن جعفر: جزاك الله عن أمة محمد فأنا معك على هذا الحديث، فقال الحسن: اع لي الحسين، فبعث إلى الحسين فأتاه فقال: يا أخي أني قد رأيت رأياً وإني أحب أن تتابعني عليه، قال: ما هو؟ قال: فقص عليه الذي قال لابن جعفر، قال الحسين: أعيذك بالله أن تكذب علياً في قبره وتصدق معاوية، قال الحسن: والله ما أردت أمراً قط إلا خالفتني إلى غيره، والله لقد هممت أن أقذفك في بيت فأطينه عليك حتى أقضي أمري، قال: فلما رأى الحسين غضبه قال: أنت أكبر ولد علي، وأنت خليفته، وأمرنا لأمرك فافعل ما بدا لك.
والحقيقة أن الرغبة في الصلح كانت موجودة لدى الطرفين الحسن ومعاوية، فقد سعى الحسن رضي الله عنه إلى الصلح، وخطط له منذ اللحظات الأولى لمبايعته، ثم جاء معاوية فأكمل ما بدأه الحسن، فكان عمل كل واحد منهما مكملاً للآخر رضوان الله عليهم أجمعين.
ومن خلال النصين السابقين، وبالتدقيق في الروايات التي تنص على طلب الحسن الخلافة بعد معاوية، نجد أنها تتنافى مع قوة وكرم الحسن؛ فكيف يتنازل عن الخلافة حقناً لدماء الأمة وابتغاء مرضاة الله، ثم يوافق على أن يكون تابعاً، يتطلب أسباب الدنيا وتشرأب عنقه للخلافة مرة أخرى؟!
والدليل على هذا ما ذكره جبير بن نفير قال: قلت للحسن بن علي، إن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة، فقال كانت جماجم العرب بيدي يسالمون من سالمت ويحاربون من حاربت، فتركتها ابتغاء وجه الله، ثم أبتزها بأتياس أهل الحجاز. البلاذري في أنساب الأشراف (3/ 49) وطبقات ابن سعد، الطبقة الخامسة (ص 258) بسند جيد.
وفي اعتقادي أن هذه القصة عبارة عن إشاعة سارت بين الناس وبالذات بين أتباع الحسن، ثم إنه من الملاحظ أن أحداً من أبناء الصحابة أوالصحابة أنفسهم، لم يذكروا خلال بيعة يزيد شيئاً من ذلك، فلوكان الأمر كما تذكر الروايات عن ولاية العهد، لاتخذها الحسين رضي الله عنه حجة، وقال أنا أحق بالخلافة، ولكن لم نسمع شيئاً من ذلك على الإطلاق.
ومما يؤيد هذا الاعتقاد، ما قرره الأستاذ محمد ضيف الله بطاينة في مقال له منشور في مجلة الجامعة الإسلامية العدد (83 - 84) سنة 14.9هـ، حيث قال: وربما أن هذه الإشاعة - قضية ولاية عهد الحسن بعد معاوية - أطلقت في ظروف متأخرة، أرادت التعريض بالبيعة ليزيد، واتهام معاوية بالخروج على الشورى في استخلافه ولده يزيد، وهي قضية جرت في فترة تالية من الصلح بين الحسن ومعاوية
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة ومع شبهة استغناء معاوية عن المطالبة بقتلة عثمان، مقابل توليه الخلافة ..
وتقبلوا تحيات أخوكم: أبوعبد الله الذهبي ..

أن معاوية سمّ الحسن بن علي رضي الله عنه
كانت وفاة الحسن بن علي رضي الله عنه سنة (51هـ)، وصلى عليه سعيد بن العاص رضي الله عنه والي المدينة من قبل معاوية من سنة (49 - 54هـ). انظر: طبقات ابن سعد (القسم المفقود) تحقيق محمد بن صامل (1/ 341 - 344).
ولم يرد في خبر وفاة الحسن بن علي رضي الله عنه بالسم خبر صحيح أورواية ذات أسانيد صحيحة .. وفي ما يلي أقوال أهل العلم في هذه المسألة:-
- قال ابن العربي رحمه الله في العواصم (ص 22 - 221): فإن قيل: دس - أي معاوية - على الحسن من سمه، قلنا هذا محال من وجهين:-
أحدهما: أنه ما كان ليتقي من الحسن بأساً وقد سلّم الأمر.
الثاني: أنه أمر مغيب لا يعلمه إلا الله، فكيف تحملونه بغير بينة على أحد من خلقه، في زمن متباعد، لم نثق فيه بنقل ناقل، بين أيدي قوم ذوي أهواء، وفي حال فتنة وعصبية، ينسب كل واحد إلى صاحبه مالا ينبغي، فلا يقبل منها إلا الصافي، ولا يسمع فيها إلا من العدل الصميم.
- قال ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة (4/ 469): وأما قوله: إن معاوية سم الحسن، فهذا مما ذكره بعض الناس، ولم يثبت ذلك ببينة شرعية، أوإقرار معتبر، ولا نقل يجزم به، وهذا مما لا يمكن العلم به، فالقول به قول بلا علم.
- قال الذهبي رحمه الله في تاريخ الإسلام (عهد معاوية) (ص 4): قلت: هذا شيء لا يصح فمن الذي اطلع عليه.
- قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (8/ 43): وروى بعضهم أن يزيد بن معاوية بعث إلى جعدة بنت الأشعث أن سُمّي الحسن وأنا أتزوجك بعده، ففعلت، فلما مات الحسن بعثت إليه فقال: إنا والله لم نرضك للحسن أفنرضاك لأنفسنا؟ وعندي أن هذا ليس بصحيح، وعدم صحته عن أبيه معاوية بطريق الأولى والأحرى.
- قال ابن خلدون في تاريخه (2/ 649): وما نقل من أن معاوية دس إليه السم مع زوجته جعدة بنت الأشعث، فهومن أحاديث الشيعة، وحاشا لمعاوية من ذلك.
وقد علق الدكتور جميل المصري على هذه القضية في كتابه: أثر أهل الكتاب في الفتن والحروب الأهلية في القرن الأول الهجري (ص 482) بقوله: .. ثم حدث افتعال قضية سم الحسن من قبل معاوية أويزيد .. ويبدوأن افتعال هذه القضية لم يكن شائعاً آنذاك؛ لأننا لا نلمس لها أثراً في قضية قيام الحسين، أوحتى عتاباً من الحسين لمعاوية.
قلت: ثم إن الناس في تلك المرحلة في حالة فتنة تتصارعهم الأهواء، وكل فرقة تنسب للأخرى مايذمها وإذا نقل لنا خبر كهذا فإنه يجب علينا ألا نقبله إلا إذا نقل عن عدل ثقة ضابط .. وقد حاول البعض من الإخباريين والرواة أن يوجدوا علاقة بين البيعة ليزيد وبين وفاة الحسن بالسم.
ثم إن الذي نُقِلَ لنا عن حادثة سم الحسن بن علي رضي الله عنه روايات متضاربة ضعيفة، بعضها يقول أن الذي دس السم له هي زوجته، وبعضها يقول أن أباها الأشعث بن قيس هوالذي أمرها بذلك، وبعضها يتهم معاوية رضي الله عنه بأن أوعز إلى بعض خدمه فسمه، وبعضها يتهم ابنه يزيد .. وهذا التضارب في حادثة كهذه، يضعف هذه النقول؛ لأنه يعزوها النقل الثابت بذلك، والرافضة خيبهم الله، لم يعجبهم من هؤلاء إلا الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه يلصقون به التهمة، مع أنه أبعد هؤلاء عنها ..
وقلت أيضاً: إن هذه الحادثة - قصة دس السم من قبل معاوية للحسن - تستسيغها العقول في حالة واحدة فقط؛ وهي كون الحسن بن علي رضي الله عنه رفض الصلح مع معاوية وأصر على القتال، ولكن الذي حدث أن الحسن رضي الله عنه صالح معاوية وسلم له بالخلافة طواعية وبايعه عليها، فعلى أي شيء يقدم معاوية رضي الله عنه على سم الحسن؟!
وإن من الدلالة على ضعف تلك الاتهامات وعدم استنادها إلى معقول أومحسوس، ما ذكر حول علاقة جعدة بنت قيس بمعاوية ويزيد، حيث زعموا أن يزيد بن معاوية أرسل إلى جعدة بنت قيس أن سمي حسناً فإني سأتزوجك، ففعلت، فلما مات الحسن بعثت جعدة إلى يزيد تسأله الوفاء، فقال: إنا والله لم نرضك له أفنرضاك لأنفسنا.
ولعل الناقد لمتن هذه الرواية يتجلى له عدة أمور:-
1 - هل معاوية رضي الله عنه أوولده يزيد بهذه السذاجة ليأمرا امرأة الحسن بهذا الأمر الخطير، الذي فيه وضع حد لحياة الحسن بن علي غيلة، وما هوموقف معاوية أوولده أمام المسلمين لوأن جعدة كشفت أمرهما؟!
2 - هل جعدة بنت الأشعث بن قيس بحاجة إلى شرف أومال حتى تسارع لتنفيذ هذه الرغبة من يزيد، وبالتالي تكون زوجة له، أليست جعدة ابنة أمير قبيلة كندة كافة وهوالأشعث بن قيس، ثم أليس زوجها وهوالحسن بن علي أفضل الناس شرفاً ورفعة بلا منازعة، إن أمه فاطمة وجده الرسول صلى الله عليه وسلم وكفى به فخراً، وأبوه علي بن أبي طالب أحد العشرة المبشرين بالجنة ورابع الخلفاء الراشدين، إذاً ما هوالشيء الذي تسعى إليه جعدة وستحصل عليه حتى تنفذ هذا العمل الخطير؟!
3 - لقد وردت الروايات التي تفيد أن الحسن قال: لقد سقيت السم مرتين، وفي رواية ثلاث مرات، وفي رواية سقيت السم مراراً، هل بإمكان الحسن أن يفلت من السم مراراً إذا كان مدبر العملية هومعاوية أويزيد؟! نعم إن عناية الله وقدرته فوق كل شيء، ولكن كان باستطاعة معاوية أن يركز السم في المرة الأولى ولا داعي لهذا التسامح مع الحسن المرة تلوالمرة!!
4 - وإذا كان معاوية رضي الله عنه يريد أن يصفي الساحة من المعارضين حتى يتمكن من مبايعة يزيد بدون معارضة، فإنه سيضطر إلى تصفية الكثير من أبناء الصحابة، ولن تقتصر التصفية على الحسن فقط.
5 - وإن بقاء الحسن من صالح معاوية في بيعة يزيد، فإن الحسن كان كارهاً للنزاع وفرقة المسلمين، فربما ضمن معاوية رضاه، وبالتالي يكون له الأثر الأكبر في موافقة بقية أبناء الصحابة.
6 - ثم إن هناك الكثير من أعداء الحسن بن علي رضي الله عنه، قبل أن يكون معاوية هوالمتهم الأول، فهناك السبئية الذين وجه لهم الحسن صفعة قوية عندما تنازل عن الخلافة لمعاوية وجعل حداً لصراع المسلمين، وهناك الخوارج الذين قاتلهم أبوه علي بن أبي طالب رضي الله عنه في النهراون وهم الذين طعنوه في فخذه، فربما أرادوا الانتقام من قتلاهم في النهروان وغيرها.
ولمزيد فائدة راجع كتاب: أثر التشيع على الروايات التاريخية في القرن الأول الهجري للدكتور محمد نور ولي (ص 367 - 368) لتقف على الكم الهائل من الروايات المكذوبة على معاوية رضي الله عنه من قبل الشيعة في قضية سم الحسن .. وكتاب: مواقف المعارضة في خلافة يزيد بن معاوية للدكتور محمد بن عبد الهادي الشيباني (ص 12 - 125).
ويكفي أن خبركم أن أحد مؤرخيهم وهوابن رستم في كتابه: دلائل الإمامة (ص 61) قد بالغ في اتهام معاوية رضي الله عنه، وادعى أنه سم الحسن سبعين مرة فلم يفعل فيه السم، ثم ساق خبراً طويلاً ضمنه ما بذله معاوية لجعدة من الأموال والضياع لتسم الحسن، وغير ذلك من الأمور الباطلة.
مناقشة الجانب الطبي في روايات السم
بعدما تبينت براءة معاوية رضي الله عنه وابنه يزيد من تهمة سم الحسن بن علي رضي الله عنهما، فيما سبق من أقوال العلماء، وما سردناه من تحليلات، فإنه مما يناسب المقام مناقشة الجانب الطبي في المرويات التي تحدثت عن وفاة الحسن رضي الله عنه بالسم، ويمكنك مراجعة هذه المرويات الضعيفة في طبقات ابن سعد القسم المفقود بتحقيق الدكتور محمد بن صامل (1/ 334 - 339).
وفيما يلي النصوص الخاصة بالجانب الطبي في هذه المسألة:-
1 - أخرج ابن سعد بإسناده، أن الحسن رضي الله عنه دخل كنيفاً له، ثم خرج فقال: .. والله لقد لفظت الساعة طائفة من كبدي قبل، قلبتها بعود كان معي، وإني سقيت السم مراراً فلم أسق مثل هذا. طبقات ابن سعد (1/ 336).
2 - أخرج ابن سعد بإسناده، أن الحسن رضي الله عنه قال: إني قد سقيت السم غير مرة، وإني لم أسق مثل هذه، إني لأضع كبدي. المصدر السابق (1/ 338).
3 - أخرج ابن سعد بإسناده، قال: كان الحسن بن علي سقي السم مراراً، كل ذلك يفلت منه، حتى كان المرة الأخيرة التي مات فيها، فإنه كان يختلف كبده. المصدر السابق (1/ 339).
هذا؛ وبعرض النصوص المتعلقة بالجانب الطبي في هذه المسألة على أ. د. كمال الدين حسين الطاهر أستاذ علم الأدوية، كلية الصيدلة جامعة الملك سعود بالرياض، أجاب بقوله:
(لم يشتك المريض - أي الحسن بن علي رضي الله عنه - من أي نزف دموي سائل، مما يرجح عدم إعطائه أي مادة كيميائية أوسم ذات قدرة على إحداث تثبيط لعوامل تخثر الدم، فمن المعروف أن بعض الكيميائيات والسموم، تؤدي إلى النزف الدموي؛ وذلك لقدرتها على تثبيط التصنيع الكبدي لبعض العوامل المساعدة على تخثر الدم، أولمضادات تأثيراتها في عملية التخثر؛ ولذلك فإن تعاطي هذه المواد سيؤدي إلى ظهور نزف دموي في مناطق متعددة من أعضاء الجسم مثل العين والأنف والفم والجهاز المعدي - المعوي - وعند حدوث النزف الدموي في الجهاز المعدي - المعوي - يخرج الدم بشكل نزف دبري سائل، منفرداً أومخلوطاً مع البراز، ولا يظهر في شكل جمادات أوقطع دموية صلبة كانت أوإسفنجية، أوفي شكل (قطع من الكبد)، ولذلك يستبعد إعطاء ذلك المريض أحد المواد الكيميائية، أوالسموم ذات القدرة على إحداث نزف دموي).
وعن طبيعة قطع الدم المتجمدة التي أشارت الروايات إلى أنها قطع من الكبد، يقول أ. د. كمال الدين حسين الطاهر:
(هناك بعض أنواع سرطانات أوأورام الجهاز المعدي - المعوي - الثابتة أوالمتنقلة عبر الأمعاء، أوبعض السرطانات المخاطية التي تؤدي إلى النزف الدموي المتجمد، المخلوط مع الخلايا، وبطانات الجهاز المعدي - المعوي - وقد تخرج بشكل جمادات (قطع من الكبد كما في الروايات)، ولذلك فإني أرجح أن ذلك المريض قد يكون مصاباً بأحد سرطانات، أوأورام الأمعاء). راجع كتاب: مرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري للدكتور خالد الغيث (ص 395 - 397).
وإن ثبت موت الحسن رضي الله عنه بالسم، فهذه شهادة له وكرامة في حقه كما قال بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (4/ 42).

جعدة بنت الأشعث زوجة الامام الحسن رضي الله عنه
بسم الله الرحمن الرحيم
الروافض يمقتون الإمام الحسن رضي الله عنه فطعنوا بزوجته الطاهرة بعد أن طعنوا بالطاهرة الأولى عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين .. فهان طعن سواها عندهم ولم تسلم من إفكهم وبهتانهم حتى زوجات ائمتهم كما يدعون.
نريد شيعيا شجاعا يصفع هؤلاء المعممين الضالين المضلين .. اما السكوت عنهم فهولا شك علامة للرضا
سنناقش هذه الكذبة الرافضية التي ستؤدي إلى انهدام نظرية الإمامة والولاية التكوينية المزعومة ونحن الآن نلزم الروافض بخيارين لا ثالث لهما.
أولا: إذا كانت زوجة الإمام الحسن رضي الله عنه نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة خائنةنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة كما تدعون فهذا طعن فيه واتهام له رضي الله عنه بسوء اختيار الزوجة الصالحة علما بأنكم تعتبرونه معصوم لا يخطئ وخصوصا باختيار الصالحات فكيف أخطأ بزعمكم واختار خائنة؟ ويعلم الغيب ثم يأكل من الطعام المسموم رغم علمه بأنه مسموم فهذا اتهام له وطعن فيه ونقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة حاشاهنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة بأنه أحمق على زعمكم ..... والى آخره مما يضيق المجال عن سرده ...
ثانيا: وإذا قلتم أنه لم يعلم بخيانتها فهذا هدم لعصمته وبالتالي هدم لدين الإثني عشرية بالكامل .. أما عن ذكر القرآن لزوجات الانبياء فهذا صحيح ونقبل به لأن الله أخبرنا , فأين أخبر الله في القرآن عن زوجة الحسن رضي الله عنه, وهل تقبلون مثلا بأن يقال زوجة الخميني خائنة؟ أوزوجة خسئ نصر اللات خائنة؟.!!!! والله فرغت جماجمكم من العقول يا روافض فبدلا من أن تكونوا رجالا وتدافع عن أهل الإمام رضي الله عنه ركبكم الشيطان وراحت الرافضة تدافع عن الزنديق الفاجر (المهاجر) الذي لم يستحي من طعن الحسن بن علي رضي الله عنه في تسجيل موثق بالصوت والصورة وموجود على يوتيوب. رضي الله عن آل البيت وعن صحابة رسول الله جميعا.
جعدة بنت الأشعث بن قيس لم تكن بحاجة إلى شرف أومال ـ كما تذكر الروايات حتى تسارع لتنفيذ هذه الرغبة من يزيد، فتدس السم للامام الحسن رضي الله عنه وبالتالي تكون زوجة ليزيد أليست جعدة ابنة أمير قبيلة كندة كافة وهوالأشعث بن قيس، ثم أليس زوجها وهوالحسن بن علي أفضل الناس شرفاً ورفعة بلا منازعة، إن أمه فاطمة رضي الله عنها، وجده رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفى به فخراً، وأبوه علي بن أبي طالب أحد العشرة المبشرين بالجنة ورابع الخلفاء الراشدين، إذاً ما هوالشئ الذي تسعى إليه جعدة وتحصل عليه حتى تنفذ هذا العمل الخطير، إن هناك الكثير الذين هم أعداء للوحدة الإسلامية، وزادهم غيظاً وحنقاً ما قام به الحسن بن علي، كما أن قناعتهم قوية بأن وجوده حياً صمام أمان للأمة الإسلامية، فهوإمام ألفتها وزعيم وحدتها بدون منافس، وبالتالي حتى تضطرب الأحداث وتعود الفتن إلى ما كانت عليه فلا بد من تصفيته وإزالته، فالمتهم الأول في نظري هم السبئية أتباع عبد الله بن سبأ الذين وجه لهم الحسن صفعة قوية عندما تنازل لمعاوية وجعل حداً للصراع، ثم الخوارج الذين قتلوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهم الذين طعنوه في فخذه، فربما أرادوا الانتقام من قتلاهم في النهروان وغيرها.
]
المصدر: شبكة الزهراء الإسلامية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق