السبت، 13 سبتمبر 2014

عليك بالتوبة من الدعوة إلى الخروج على ولي الأمر وشق عصا الطاعة عليه.


النصيحة الثالثة:من أربع نصائح للشيخ عبد السلام ياسين
عليك بالتوبة من الدعوة إلى الخروج على ولي الأمر وشق عصا الطاعة عليه.
إليك أيها الشيخ بعض من النصوص الشرعية وأقوال أهل العلم بالكتاب والسنة في طاعة ولاة الأمور وعدم الخروج عليهم والسمع والطاعة لهم:
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال«بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثره علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول أو نقوم بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم»1.
وعن عبد الله –رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال«على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة»2.
وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «عليك بالسمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك»3.
وعن عبد الله قالقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنها تكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها، قالوايا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك، قال: «تؤذون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم»4.
قال الإمام النووي عن قوله صلى الله عليه وسلم«عليك بالسمع والطاعة في عسرك ويسرك… »الحديث«قال العلماء معناه تجب طاعة ولاة الأمور فيما يشق وتكرهه النفوس وغيره مما ليس بمعصية فإن كانت لمعصية فلا سمع ولا طاعة كما صرح به في الأحاديث الباقية فتحمل هذه الأحاديث المطلقة لوجوب طاعة ولاة الأمور على موافقة تلك الأحاديث المصرحة بأنه لا سمع ولا طاعة في المعصية، والأثرة الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا عليكم أي اسمعوا وأطيعوا وإن اختص الأمراء بالدنيا ولم يوصلكم حقكم مما عندهم وهذه الأحاديث في الحث على السمع والطاعة في جميع الأحوال وسببهااجتماع كلمة المسلمين فإن الخلاف سبب لفساد أحوالهم في دينهم ودنياهم»5اهـ.
قال حافظ المغرب أبو عمر يوسف بن عبد البر –رحمه الله تعالى«وأن لا ننازع الأمر أهله فاختلف الناس في ذلك، فقال القائلونأهله أهل العدل والإحسان والفضل والدين، فهؤلاء لا ينازعون لأنهم أهله، وأما أهل الجور والفسق والظلم، فليسوا له بأهل، ألا ترى إلى قول الله عز وجل لإبراهيم عليه السلام، قال{إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }[البقرة/124]وإلى منازعة الظالم الجائر، ذهبت طوائف من المعتزلة وعامة الخوارج وأما أهل الحق وهم أهل السنة، فقالواهذا هو الاختيارأن يكون الإمام فاضلا عدلا محسنا، فإن لم يكن فالصبر على طاعة الجائرين من الأئمة أولى من الخروج عليه، لأن في منازعته والخروج عليه استبدال الأمن بالخوف ولأن ذلك يحمل على إهراق الدماء وشن الغارات والفساد في الأرض، ذلك أعظم من الصبر على جوره وفسقه، والأصول تشهد والعقل والدين أن أعظم المكروهين أولاهما بالترك، وكل إمام يقيم الجمعة والعيد، ويجاهد العدو ويقيم الحدود على أهل العداء، وينصف الناس من مظالمهم بعضهم لبعض تسكن له الدهماء وتأمن به السبل، فواجب طاعته في كل ما يأمر به من الصلاح أو من المباح»6.
قال علي بن صالح الغربي –غفر الله تعالى له ولوالديههذه أيها الشيخ أحاديث صحيحه منتخبة من أصح الكتب عند المسلمين، صحيح البخاري ثم صحيح مسلم، وقد أمر الصادق المصدوق أمته باتباع كتاب الله تعالى وسنته والتمسك بهما، فقال عليه السلام «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله»7.
فمن اتخذ كتاب الله تعالى وسنة نبيه سبيلا لمعرفة الحق واتباعه في حله وترحاله، ومكرهه ومنشطه وسقمه فاز ونجا، ومن حاد عنهما وزاغ عن هديهما واتبع هواه ومواجيذه، وأذواقه وآراءه الفجة الساقطة، ضل ضلالا بعيدا وعض على يديه يوم الوقوف بين يدي ربه منزل الكتاب، وأُبعد عن الحوض فلا يسمع من الصادق المصدوق إلا سحقا سحقا لأنه بدل وغير ولم يكتف بالأمر العتيق.
وطاعة ولاة الأمور باب عظيم في الدين، والأحاديث النبوية التي تدعو إلى ذلك تترا، ولأئتمنا الأعلام حظا وافرا في كتبهم ورسائلهم لبيان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرحه للأمة في حق ولاة الأمور من طاعتهم في المعروف، وعدم الخروج عليهم، ولا شق عصا الطاعة وحرابتهم ودعوة عامة المسلمين إلى ذلك، كيف لا وبين أيديهم نصوص الوحيين الشريفين، لم ينفك عنها واحد من سلفهم الصالح، الصحابة الكرام ومن جاء بعدهم بإحسان.
قال الإمام أحمد بن حنبل –رحمه الله تعالى-
«… والانقياد إلى من ولاه الله أمركم، لا تنزع يدا من طاعته، ولا تخرج عليه بسيفك حتى يجعل الله لك فرجاً ومخرجا، ولا تخرج على السلطان، وتسمع وتطيع، ولا تنكث بيعه، فمن فعل ذلك فهو مبتدع مخالف مفارق للجماعة، وإن أمرك السلطان بأمر هو لله معصية، فليس لك أن تطيعه البتة، وليس لك أن تخرج عليه ولا تمنعه حقه»8.
وقال أيضا –رحمه الله تعالى-
«والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر، ومن ولي الخلافة، واجتمع الناس عليه، ورضوا به، ومن عليهم بالسيف حتى صار خليفة، وسمى أمير المؤمنين… ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين، وقد كانوا اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان، بالرضا أو بالغلبة فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية ولا يحل قتال السلطان، ولا الخروج عليه لأحد من الناس فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق».اهـ.
وقال الإمام محمد بن إسماعيل البخاري –رحمه الله تعالى-
«… وأن لا ننازع الأمر أهله لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلمإخلاص العمل لله وطاعة ولاة الأمر ولزوم جماعتهم، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم ثم أكد في قوله: “أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم“.
وأن لا يرى السيف على أمته صلى الله عليه وسلموقال الفضيللو كانت لي دعوة مستجابة لم أجعلها إلا في إمام لأنه إذا صلح الإمام أمن البلاد والعبادقال ابن المباركيا معلم الخير من يجترئ على هذا غيرك»9.
وقال ابن أبي زيد القيرواني –رحمه الله تعالى.
«… والطاعة لأئمة المسلمين من ولاة أمورهم وعلمائهم واتباع السلف الصالح واقتفاء آثارهم والاستغفار لهم…»10.
وقال أبو عبد الله محمود بن عبد الله الأندلسي الشهير بابن أبي زمنين المالكي –رحمه الله تعالى-
«ومن قول أهل السنة أن السلطان ظل الله في الأرض، وأنه من لم ير على نفسه سلطانا برا كان أو فاجرا فهو على خلاف السنة، وقال عز وجل{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}قال محمد:فالسمع والطاعة لولاة الأمر أمر واجب ومهما قصروا في ذاتهم فلم يبلغوا الواجب عليهم، غير أنهم يدعون إلى الحق، ويؤمرون به، ويدلون عليه، فعليهم ما حملوا وعلى رعاياهم ما حملوا من السمع والطاعة لهم»11.
اعتقاد الإمام سحنون –رحمه الله تعالى-
حكى العالم الناقد الإمام شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي –رحمه الله تعالىفي ترجمة (سحنونصاحب المدونة –رحمه الله تعالىفي (ج 12 ص 67) قالوعن يحيى بن عون قالدخلت مع سحنون على ابن القصار –وهو مريض- (يعني وكان قلقا فقال له سحنونها هذا القلق؟ فقال لهالموت والقدوم على الله، فقال له سحنون، ألست مصدقا بالرسل، والبعث، والحساب والجنة والنار، وأن أفضل هذه الأمة أبو بكر ثم عمر، والقرآن كلام الله غير مخلوق، وأن الله يرى يوم القيامة، وأنه على العرش استوى، ولا تخرج على الأئمة بالسيف وإن جاروا.
قال:أي والله فقال مت إذا شئت، مت إذا شئت»12.
وقال الإمام أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني –رحمه الله تعالى-«والصلاة خلف الإمام البر والفاجر والجهاد معهما ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات خلف كل إمام مسلم برا كان أو فاجرا، ويرون جهاد الكفرة معهم، وإن كانوا جورة فجرة، ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح وبسط العدل في الرعية، ولا يرون الخروج عليهم بالسيف، وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف، ويرون قتال الفئة الباغية، حتى ترجع إلى طاعة الإمام العدل»13.
قال علي بن صالح الغربيعفر الله تعالى له ولوالديهأين ستجعل رأسك أيها الشيخ من هذه النصوص الشرعية واعتقاد علماء السلف الصالح من الأئمة الأعلام في ولاة أمور المسلمين، فهذا إجماع الأمة في عدم الخروج على السلطان لأن فيه حقن للدماء وتسكين للدهماء، وقد نقل الإجماع على ذلك عدد من العلماء، منهم الحافظ ابن حجر –رحمه الله تعالىويخرج من الإجماع الدعاة على أبواب جهنم من الرافضة والمعتزلة والخوارج ومن على شاكلتهم وعلى آثارهم يقتدون من أهل البدعة والاختلاف، ومعلوم أن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة كما ثبت عن الصادق المصدوق.
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال«إن الله لا يجمع أمتي أو قال أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة، ويد الله مع الجماعة ومن شذ شذ إلى النار»14.
قلتوإن كنا نعلم علم اليقين بما سطرته في رسائلك بالتصريح وليس بالتلميح أنك ترد ردا كاملا كل هذه النصوص الشرعية، وتضرب بكلام شراحها النظار من علماء السلف عرض الحائط ولا تلتفت إلى كلامهم إلا أننا ارتأينا أن نذكرك بتلك النصوص الشرعية وبكلام أولئك العلماء للكتاب والسنة لعلها تحيي فيك الفطرة وتحرك منك تلك المضغة للخير فتقبل كلامهم، وتقدر الله حق قدره، فتسمع وتطيع لنصوص الوحيين ولا تنفلت هذه المرة عن صراط الذين أنعم الله تعالى عليهم إلى صراط المغضوب عليهم الذين قالوا سمعنا وعصينا.
وإليك ما جاء عنك في رد نصوص الطاعة لولاة الأمور في كتابك «رجال القومة والإصلاح ص 13».
«هذا الخوف من الفتنة واستبدال ظالم بأظلم منه هو الذي ألجم العلماء وشك فاعليتهم في تاريخنا، وكيف يمكن خلع حاكم عاض قائم على السيف دون مقارعة في الميدان، ورجح علماؤنا الصبر على الداء العضال الذي نخر في جنب الأمة يفصلونه على الانتفاضة التي لا يمكن التنبؤ بنتائجهاوكانت القومات المسلحة استثناء من هذه القاعدة، بينما تكاثرت ثورات الفتانين من الضلال وخاطبي الزعامات» اهـ.
قلتهكذا جاء ردك لأقوال أهل العلم شراح الحديث أحاديث طاعة ولاة الأمور وعدم شق عصا الطاعة عليهم، فتجاوز فهمك الذي جعلت أسسه تحريف التأويل، وعماده ذوقك ومواجيذك بل كل ما غرفته منذ سنين من مستنقع الشيوعية الماوية لما كنت تابعا نشيطا، وداعيا مجتهدا للماوية، وقد اعترفت بهذا في جهات متفرقة وخصوصا في كتابك الإسلام غدا“. وسنأتي معك على ذكر فقرات من هذا الكتاب في هذه النصيحة، ثم أضفت على ذاك الفكر النجس لماوسيتونغ نخالة أذهان وزبالة الصوفيةفاجتمع عندك فكر الماو ومذلة الصوفية باسم التربية، أي التنظيم الماوي والطاعة والانقياد الصوفيفقدمت نفسك في كتبك ورسائلك أنك شيخ للعدل والإحسان، وأنت غارق في الجور والفحشاء والبهتان.
قال عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }[النحل/90] .
فنحن لا نتعجب إن صدرت منك هذه التحريفات لنصوص الوحيين الشريفين، وأسبابه أنه لا شيخ لك من أهل السنة في العلم الشرعي شيوخك رؤوس الكفر والإلحاد مثل ماوسيتونغ، وأهل الخرافة والضلال أمثال الدباغ وابن عربي والحلاج.أما قدوتك فأمثال الخميني الموساوي الذي احترقت في حبه حتى غدت سيرته النتنة التي تزكم الأنوف رائحتها نبراسا لك تسير عليه لا تلتفت دونه يمينا ولا شمالا، وهو رفيق نحس قد جنى على كل من اقتدى به وسار تابعا له، ووقف على بابه يرجو منه خيرا.
ومما ينسب للإمام الشافعي قوله:
لقلع ضرس وضرب حبس **ونزع نفس ورد أمس
وقر برد وقود فرد **ودبغ جلد بغير شمس
وأكل ضب وصيد دب**وصرف حب بأرض خـرس
ونفخ نار وحمل عار **وبيع دار بربح فلس
وبيع خف وعدم إلف**وضرب ألف بحبل قلس
أهون من وقفة الحر ** يرجو نوالا بباب نحس
قلتوما أسباب كل هذا إلا انشغال قلبك عن الله تعالى بالدنيا منذ شبابك، تدور بك رحاها كلما أجهدتها طحنتك واقتربت نهايتك المؤلمة بما ألقى فيها الشيطان من مخالفات لدين الله تعالىقال ابن قيم الجوزية –رحمه الله تعالى-
«فالقلب لا يخلو قط من الفكر إما في واجب آخرته ومصالحها، وإما في مصالح دنياه ومعاشه، وإما في الوساوس والأماني الباطلة والمقدرات المفروضة، وقد تقدم أن النفس مثلها كمثل رحى تدور بما يلقي فيها، فإن ألقيت فيها حبا دارت به وإن ألقيت فيها زجاجا وحصى وبعرا دارت به، والله سبحانه هو قيم تلك الرحى ومالكها ومصرفها وقد أقام لها ملكا يلقي فيها ما ينفعها فتدور به، وشيطانا يلقي فيها ما يضرها فتدور به.
فالملك يلم بها مرة والشيطان يلم بها مرة، فالحب الذي يلقيه الملك إيعاد بالخير وتصديق بالوعد، والحب الذي يلقيه الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالوعد، والطحين على قدر الحب، وصاحب الحب المضر لا يتمكن من إلقائه إلا إذا وجد الرحى فارغة من الحب وقيمها قد أهملها وأعرض عنها فحينئذ يبادر إلى إلقاء ما معه فيها»15.
الرد على تنصيب نفسك أميرا ومرشدا عاما على المستضعفين من أتباعك.
لقد أجهدت نفسك أيها الشيخ في تحريف النصوص بالوسواس والأماني الباطلة لترتمي على حق جعله الله تعالى وأراده لغيرك، إرادة كونية، لا مبدل لكلماته، وقد سبقك لهذا الصنيع حفنات من المفسدين فما أفلحوا ولا سعدوا بل أحدثوا فتنا، أشعلوا نارها فأحرقهم لهيبها وكل من سار وراءهم سير الأنعام.
وفي هذا قال عز وجل{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران/26].
ومن أجل هذه الشهوة الخفية، شهوة الملك، تسلطت على رقاب عباد الله تعالىكما فعلت مع أولئك المساكين الذين جعلوك وليا مرشدا، وقائدا عظيما“. وهي ألقاب منك جاءت وإليك لن تعود.
وهذا بعض ما جاء عنك في كتابك « المنهاج النبوي » ص 58 ـ 59 :
« 1 ـ الأمير المرشد العام المنتخب في مرحلة القومة ـ هو صاحب العزم، أي اتخاذ القرار، بعد المشورة مع مجلس الإرشاد العام المنتخب أيضا، ونفضل أن يحتفظ بالأمير والمجلس ما دام كل من الأمير وأعضاء المجلس لم يتعمدوا مخالفة شرعية.ويعطى كل منهم خاصة المرشد العامالعذر إن أخطأ عن اجتهاد فالحاكم إن اجتهد فأخطأ له أجره عند الله، وعند المؤمنين يعذر فإن تبين أن الخطأ عمد ومخالفة، عزل.نرجع إلى كل هذا بالتفصيل إن شاء الله في فصول عن نظام الدولة الإسلامية لا حقا». اهـ .
قلتفمن نصبك أيها الشيخ أميرا مرشدا عاما، بل حاكما يعذر إن أخطأ، وسط دولة قائمة بذاتها؟ لها ولي أمر هو الأمير الفعليسبحانك هذا بهتان عظيم.
قال تعالى{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الأنعام/144] .
و جاء عنك في « المنهاج النبوي ص 58 .» أيضا « لا يجوز شرعا أن ينصب أحد نفسه لمنصب، لأنه من تزكية النفس التي نهينا عنها في القرآنولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” يا عبد الرحمن بن سمرةلا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها ” رواه الشيخان» .
قال علي بن صالح الغربي ـ غفر الله تعالى له ولوالديه ـومن الذي سلطك على رقاب أولئك المساكين فنصبت نفسك أميرا ومرشدا عاما” على رقابهم؟ ثم تدلس عليهم بنصوص الوحيين الشريفين بقولك «لا يجوز شرعا أن يرشح أحد نفسه». وهو حق أريد به الباطل، هذا الباطل ظاهره سد الطريق على منازعتك أنت (الإمارة)والتسلط على رقاب المغفلين، وباطنه الخروج على ولي الأمر ومنازعته أمره أي حكمهوحتى تسد الطريق على كل من سيحاجك بنصوص الكتاب والسنة ليمنعك من الخروج على ولي الأمر والسمع والطاعة له في المعروف، استعملت مرة أخرى معول الماوية في هذه النصوص لتسقط عمادها على أصحابها، وتخيف عوام المسلمين وترهبهم بتحريف التأويل الذي أصبح سائلك الدموي، فلم يترك عرقا منك ولامفصلا إلا دخله.
فقلت في« المنهاج النبوي ص90 ».
قصم ظهر المسلمين التمويه عليهم بأحاديث السمع والطاعة ولزوم الجماعة يقدمها أولوا الأمر العاضين الجبريين ومن يخدمهم من علماء القصور أو من ديدان القراء علماء السوء على أنها الكلمة الأولى والأخيرة وعلى أنهم منا “. اهـ
قلتلم يقصم ظهر المسلمين أيها الشيخ وموه عليهم إلا أهل الكذب والافتراء أصحاب الشهوات الخفية والشبهات الردية الذين أشربت قلوبهم حب الدنيا فوقفوا على قارعة الطرق يدعون الناس إلى طاعتهم من دون الله تعالى، والإنقياد وراءهم كالدواب يسوقونهم إلى حظيرة الجزار لهلاكهم حتى يحققوا أمانيهم الزائفة، إذ يبقون هم يراقبون ذلك من بعيد في معية سدنتهم الذين أعطوهم السكتة والخطبة ونصبوهم أمراء الغدر والختل، والبغي والحرابة على عوام المسلمين من المخلصين المغفلين.
هذا هو الذي قصم ظهر المسلمين، وموه عليهم، فجاء فيه قوله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} [الحج/3، 4].
عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال كتب إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكتب إلي وسمعته يقول إن بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم»16.
ثم من تقصد بقولك« قصم ظهر المسلمين التمويه عليهم بأحاديث السمع والطاعة ولزوم الجماعة…»؟.إن لم تكن تقصد الصحابة الكرام ـ رضي الله تعالى عنهم ـ لأنهم خير من فهم نصوص الوحيين الشريفين، ومنها أحاديث الصادق المصدوق عليه السلام.
فهل تقصد أيها الشيخ الكادح إلى ربك فملاقيه، الصحابي الجليل عبد الله بن عمر ـ رضي الله تعالى عنه الذي قال عنه نافع: « جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان، زمن يزيد بن معاوية، فقال اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادةفقالإني لم آتيك لأجلس، أتيت لأحدثك حديثا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من خلع يدا لقي الله يوم القيامة و لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية »17 .
أم تقصد الصحابي الجليل عبد الرحمن بن صخر أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ فيما رواه عنه مسلم بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية، يغضب لعصبية، أو ينصر عصبية فقتل فقتله جاهلية ».18
وفي لفظ « ليس من أمتي من خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يوفي لدي عهدها، فليس مني ولست منه ».
أم تقصد الصحابي الجليل عبد الله بن عباس ـ رضي الله تعالى عنهما؟ الذي قالقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس يخرج من السلطان شبرا، فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية).19
أم تقصد أيها الكادح إلى ربك فملاقيه الصحابي الجليل ـ عوف بن مالك ـ رضي الله تعالى عنه؟ الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولهقال خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنوهم ويلعنوكم ). قلنا يا رسول الله ..أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك، قال: ( لا؛ ما أقاموا فيكم الصلاة ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية فليكره ما يأتي من معصية الله؛ و لا ينزعن يدا من طاعة ».20
أهؤلاء الرجال من الصحابة أيها الشيخ الذين تقصد بقولك «قصم ظهر المسلمين التمويه عليهم بأحاديث السمع والطاعة ولزوم الجماعة…»
أم تقصد غيرهم من أئمة الكتاب والسنة الذين سبق أن نقلنا عن بعضهم ما جاء عنهم في طاعة ولاة الأمور ولزوم السمع والطاعة لهم في المعروف وعدم الخروج عليهم، أمثال الأئمة أحمد بن حنبل، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وابن أبي زيد القيرواني، وابن زمنين، وسحنون التنوخيوأبي عثمان الصابوني، وغيرهم أمثال الإمام محمد بن إدريس الشافعي، والإمام مالك بن أنس، والإمام أبي حنيفة النعمان،
وابن المبارك، وابن مهدي وأبي زرعة، وابن أبي حاتم، وابن المديني، وأبي جعفر الطحاوي والبربهاري، وابن عبد البر، وابن تيمية، وابن قيم، وابن عبد الهادي، وابن كثير، ومحمد تقي الدين الهلالي، والألباني، وابن باز، والعثيمين، والوادعي، والنجمي ـ رحمهم الله تعالى-.
وإن شئت زدتك العشرات من هؤلاء الرجال الأعلام، فهل هؤلاء هم من تقصد بقولك: «قصم ظهر المسلمين التمويه عليهم بأحاديث السمع والطاعة ولزوم الجماعة…».؟
فهؤلاء الرجال هم قدوتنا في ديننا، من الصحابة الكرام ـرضي الله تعالى عنهم إلى من تبعهم بإحسان، لا يتجاوز فهمنا للنصوص الشرعية فهمهمفلا نقدم مواجيذنا وأذواقنا على فهمهم السليم لنصوص الوحيين الشريفين.
ـ ولبعض أهل العلم
العلمقال الله قال رسوله** قال الصحابة ليس خلف فيه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة** بين النصوص وبين رأي سفيه
كلا ولا نصب الخلاف جهالة** بين الرسول وبين رأي فقيه.
فمن قدوتك في دينك، أيها الشيخ؟وبفهم من تفهم النصوص الشرعية التي ضربت بعضها ببعض؟ ثم قمت تقدح في رواتها وشراحها بتجريح انسل من صدرك إلى بنانك فسطرته في رسائلكفلم تعزف عن فهم هؤلاء الرجال فقط، بل زدت أن وصفتهم « بالذين يموهون على المسلمين بنصوص السنة يقصمون بها ظهورهم ».
فمن أعطاك الوصاية على دين الله تعالى لتعمل على تحريف نصوصه بمعول الماوية وفكر الخميني المساوي الذي لوثت برجسه أغلب كتبك، فإن ارتاحت نفسك للبغي والحرابة والفتنة، وطُبع قلبك على ذلك فما عليك إلا أن تلج هذا الباب الذي أغلقته نصوص الوحيين الشريفين وقام بفتحه أهل الفتنة والبغي كل بما أشرب قلبه بمخالفة شرع الله تعالى ولكن بنصوص غير نصوص الكتاب والسنة وأقوال غير أقوال أهل العلم فخض في البغي والحرابة، وإشعال نار الفتنة التي ستحرقك وتحرق كل الهوامل الذين أغمضوا أعينهم عن الحقيقة الشرعية واقتدوا بك كل حسب ما يصبو الوصول إليه معك وفي سبيلك الذي سطرته لنفسك منذ عقود مضت، ولكن بدين ماوسيتونغ شيخك الأول الذي احترقت في حبه، وسيرة الخميني النجسة ورجس صنيعه المخزي، ودع عنك تحريف النصوص الشرعية والتستر خلفها لإرجاع الخلافة على منهج النبوة، فهذه ليست لك ولا لأمثالك الذين أساؤوا لهذا الدين، وضربوا بنصوصه عرض الحائط، إنما هي لمن صدقوا ما عاهدوا الله عليه، هي للطائفة المنصورة التي جاءت الأحاديث مستفيضة في حقهم.
واعلم أيها الشيخ أن عاقبة صنيعك وخيمة، وأنك قريب للخروج من هذه الدنيا الفانية، وإني لك ناصح أمين عسى الله تعالى أن يردك إلى الحق بما أسرفت به على نفسك وغيرك بالشبهات، فتكون في لقاءك بربك مسرورا تسعد به ولا تشقىفهذه النصيحة حجة عليك، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليموسوف أحاجك بها أمام الله تعالى إن لم تتب إليه مما اجترحته من المنكرات في حق هذا الدين والأبرياءفلا تغفل عن هذا فإني خصمك في ذلك اليوميوم يقف الناس لرب العالمين.
ثم إن قوله صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الرحمن بن سمرةلا تسأل الإمارة…»الذي بوبت له ب «الترشيح والاقتراع». قد اتبعت فيه مرة أخرى سبيل التحريف، والتدليس والتلبيس، فالحديث ورد في حق ولاة الأمور الذين لهم الحق ليعطوا الإمارة لمن رأوه أهلا لذلك، إلا أنك أخضعت النص لذوقك، ونصبت نفسك الأمير الذي لا ينازع الأمر كما سبق نقله عنك بقولك في «المنهاج النبوي الصفحة 58 » : «الأمير المرشد العام المنتخب في مرحلة القومة هو صاحب العزم…». وجعلت أتباعك ومريديك الذين أعطوك السكتة والخطبة هم الرعية، فأسست إمارة على إمارة قائمة بولي أمرها ونوابه وجنده ومؤسساته التابعة له.
وجاء عنك لتوطيد إمارة البغي والحرابة لنفسك، ومكافأة من تلملموا حولك من كبار سدنتك على صنائعهم المخزية في حق أولئك الأبرياء الذين يقودونهم مثل الأنعام إلى حظيرة إمارتك المزعومة.
« السمع والطاعة للأمير ومن ينوب عنه مع الشورى التي تلزم الأمير إلا مع اجتماع مجلس الإرشاد أو شبه إجماعه وهو إجماع وتصميم ثلاثي الأعضاء »21
وحتى تتمكن بغير حق من رقاب هؤلاء المريدين المساكين جمعت مرة أخرى بين سوأتينسوأة التدليس بنصوص الوحيين الشريفين لتعمية حقيقة دعوتك.
وسوأة تحريف هذه النصوص بمعول الماوية على سبيل ماوتسيتونغ.
فقلت في « المنهاج النبوي الصفحة 97ـ98 ».
« المبايعة على الأثرة علينا،… وهذا بند مهم جدا، ومعنى ذلك الالتزام بالصبر ولو اعتقدت أن أولي الأمر يعاملونك بالحيف، ويفضلون غيرك عليك ويرقون من لا يستحق، إلى آخر ما تحدث به المرء نفسه معنى ذلك أن أولي الأمر قد يخطئون، فهم بشرفلكي لا يصبح عقد الإمارة صورة تلعب بها الرياحنضرب بها أوتادا في نفس المؤمن الذي لا تستفزه الأهواء ويحسن الظن قبل أن يتهم، ويغلب جانب الفتوة والبذل على جانب الشح والتنافس على الجاه والرئاسة»اهـ.
قلت هذه إحدى السوأتين أيها الشيخ وهي التدليس بنصوص الوحيين الشريفين لتعمية حقيقة دعوتكفقبل صفحات كما سبق نقله عنك من منهاجك جئت تنسف أحاديث السمع والطاعة بمعول ذوقك الذي غلب عليه الفكر الماوي، وهذه السوأة الثانية، وتقدح في رواة تلك الأحاديث النبوية الصحيحة بأنهم هولوا بها وقصموا بها ظهور المسلمين، وبعدها مباشرة تعود لتأمر مريديك ومن تبعهم بخسران إلى السمع والطاعة إليك والإمتثال إلى أوامرك، بل وأن «يصبروا على الظلم والجور أو المعاملة بالحيف، وأن لا يفزعوا ولا يغضبوا ولا تستفزهم الأهواء »، وفعلا فعليهم أن يصبروا على ما يرونه من (مرشدهم العام أو (أمير القومة). الذي هو عبد السلام ياسين.
فلا أدري بأي مداد تكتب ؟ولمن تكتب ؟!
أتظن أيها الشيخ أن الناس سواء؟ كلا، إنهم ليسوا بسواء
فالله تعالى قد أنعم على أهل الكتاب والسنة باتباع الوحي المنزل، ونبذ كل شرع مبدل، ونور قلوبهم بكل ما ارتضاه سبحانه وتعالى لهم من منهج الأنبياء والرسل وعلم السلف الصالح، فسبيلهم لمعرفة الحق هذه المحجة البيضاء النقية، فمن حاد عنها كشفوه وفضحوا أمره وقاموا بتعريته للقاصي والداني، فلا يعود من صنيعه إلا مذموما مدحورا.
قال جل وعز {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن/11].
فتنبه لهذا ردك الله تعالى للحق.
أما أهل البدع فقد جعل الله تعالى على قلوبهم غشاوة وفي آذانهم وقرا، فلا يعلمون شيئا ولا يفقهون لأنهم استبدلوا الخير بالباطل، فساروا بذلك وراء كل ناعق استهوته الأهواء المضلة استدرجهم بها حتى غمسهم فيها، فلا يسمع لهم همسا فضلا أن يسمع لهم ركزا.فهو كلما أشار إلى سراب قاموا إليه يفضون لعلهم يجدوه ماء لا يلتفتون يمينا ولا شمالا، فإذا جاؤوه وجدوا الله تعالى عنده فوفاهم حسابهم.
قال عز وجلكَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ } [النور/39].
وهذا الخزي والعار يلحق ذلك المتَّبَع الذي رغم ما يبدله من جهد ونصب في الكذب والتَّجري على تدليس الباطل وهي شهوة جامحة لا تفارقه مادام قد اتبع سبيل المفسدين في الأرض، فإن الله تعالى يفضح أمره، ويكشف خيوط أوهامه التي بنى عليها دعوته الخاسرة، فلا يتنبه حتى يبدأ ينسف آخر كلامه أوله.
قال تعالى:{وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ}[العنكبوت/41].
قلت فيكشف الله تعالى سوأة ذلك الضال، ويدحض عز وجل باطله بلسانه وبنانه، فيغدو أضحوكة يتفكه به كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
وهذا مسطر أيها الشيخ في رسائلك وكتبك، فإنك تدخل على النصوص الشرعية بالتحريف والتبديل من جهة، ثم تعود لنفس تلك النصوص لتستشهد بها لك وهي حجة عليكوهذا لن يحتاج منا إلى تطويل معك فأنت أحرى وأجدر أن تفهم ذلك.
ـ وليس يصح في الأذهان شيء**إذا احتاج النهار إلى دليل.
ثم قل لي أيها الشيخ وأنت تتكلم على « الترشيح والاقتراع » و « حكم العض والجبر» و« على تسلط حكام المسلمين على رقاب المستضعفين » إلى غير ذلك من تلك العناوين التي تهول بها حقا على المخلصين المغفلين.
أليس هذا التشهير بحكام المسلمين وبولي الأمر أنت به أولى ؟فتبدأ بنفسك تنهاها عن غيها، وتتقي الله تعالى في نفسك قبل غيرك.
قال عز وجل{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة/44].
ورحم الله تعالى أبا العتاهية حيث قال:
يا واعظ الناس قد أصبحت متهما**إذ عبت منهم أمورا أنت تأتيها
كملبس ثوب من عوري وعورته**للناس بادية ما إن يواريها
وأعظم الذنب بعد الشرك تعلمه ** في كل نفس عماها عن مساويها
عرفانها بعيوب الناس تبصرها** منهم ولا تبصر العيب الذي فيها22
وقال منصور الفقيه:
إن قوما يأمرونا ** بالدين لا يفعلونا
لمجانين وإن هم ** لم يكن يصرعونا23.
فمنذ تأسيسك لهذه النحلة بعد مغادرتك المستشفى على إثر رسالة«الطوفان…»24التي أرسلت بها إلى الملك الحسن بن محمد بن يوسف –رحمهم الله تعالىلم تقم طيلة هذه السنين كلها ولو مرة واحدة بذلك الاقتراع والترشيح للرياسة التي قضت مضجعك فمنذ أن جلست على كرسي هذه النحلة لم تتململ عنه ولو لحظة واحدة، بل أحطته بالألغام البشرية كلما اقترب منه مريض يحب التسلط على رقاب غيره انفجرت عليه ألغامك البشرية، ومزقته إرباً، وغدى أشلاء مثلما وقع لمحمد البشيري الذي ما إن بدأ يفكر في منازعتك رئاسة نحلتك حتى ناله ما ناله منك، وهو الذي صال وجال بالسب والشتم والافتراء على السلفيين حيث لم يسلم من لسانه أحد، بل لم تُعرف نحلتك وذاع صيتها إلا عن طريق محمد البشيري، فلما بدأ يسحب البساط من تحتك ناله جزاء سنماروصدق فيه قول الشاعر:
من يزرع الخير يحصد ما يسر به**وزارع الشر منكوس على الرأس
وهذا عين العض والجبر، والجور والظلم، الذي لم تحققه داخل نحلتك ومجموعتك الصغيرة، ومع هذا تقدح في بني أمية وفي العباسيين بل في كل حكام المسلمين منذ علي بن أبي طالب حتى وصفت تاريخ المسلمين وفتوحاتهم بالانكسار التاريخي .
قال تعالى{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة/18]
وقوله عز وجل{وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا} [الكهف/48] }.
كما أنصحك بأن تبتعد عن تحريض الهمل والرعاع عن ولي أمرهم محمد بن الحسن بن يوسفوفقه الله تعالى للخير وأعانه عليهوتب إلى الله تعالى من دعاوى الخروج عليه، فتلك دعاوى جاهلية تحت رايات عمية، تدعو لعصبةواحرص أن لا تلق الله تعالى مخالفا أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد مرت بنا أقواله عليه السلام في هذا الباب، ولا تكن فتنة للمسلمين الذين ظنوا أن ما تدعوهم إليه هو الحق المنزل، وهو مثل ما تدعوهم إليه النصوص الشرعية، واعلم أن كل ما سطرته في كتبك ورسائلك ببنانك، وصرحت به بلسانك مخالفا به منهج السلف الصالح ستتحمل وزره ووزر كل من عمل بهفإني والله ناصح لك، وهي حجة عليك، وإني سأحاجوك بها يوم الوقوف بين يدي رب العالمين، فانظر ما أنت فاعلهأتكون هذه النصيحة حجة لك أم حجتك عليك قال عز وجل :{يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }[الشعراء/88، 89].
وقال عز وجل:وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء/227].
المصدر:(ص93-115) من كتاب أربع نصائح للشيخ عبد السلام ياسين بعد ارتمائه في أحضان 20 فبراير المتمر كسين ..
لأخينا الفاضل الداعية إلى الله أبي عبد الرحمن علي بن صالح الغربي السوسي -أعانه الله-

نسأل الله عز وجل أن يجعلها في ميزان حسناته

=====================

ومن هنا بصيغة بي دي إف

=====================
1 – أخرجه مسلم في الإمارة (1709)، وابن ماجة في الجهاد (2866)، ومالك في الجهاد (5).
2 – أخرجه البخاري في الأحكام (7144)، ومسلم في الإمارة (1706)،وأبو داود في الجهاد (87)والترمذي في الجهاد (29).
3 – أخرجه مسلم في الإمارة (1708)، والنسائي في البيعة (5)، وأحمد في المسند (381:2)(5/321).
4 – أخرجه البخاري في الفتن (7052).
5 – صحيح مسلمبشرح النووي (12/224-225).
6التمهيد (23/278-279)
7 -أخرجه الحاكم في المستدرك 1/93 وصححه الألباني في المشكاة (186).
8 – أصول السنةص 79-80.
9 – شرح اعتقاد أهل السنة والجماعةص 175، 176للالكائي.
10 – مقدمة الرسالة ص 9.
11 – رياض الجنة بتخريج أصول السنة (275-276).
12 – نقلا عن الرد الشرعي المعقول على المتصل المجهولللعلامة أحمد بن يحيى النجمي –رحمه الله تعالى- (ص 127-128).
13عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص81).
14 – أخرجه الترمذي في الفتن (2172)، وابن ماجة في الفتن (4021) عن حديث أنس.
قال الشيخ الألباني –رحمه الله تعالىرواه الترمذي في الفتن وقالحديث غريب «قلت –أي الألبانيوعلته سليمان المدني، وهو ابن سفيان، وهو ضعيف لكن الجملة الأولى من الحديث صحيحة، لها شاهد من حديث ابن عباس، أخرجه الترمذي والحاكم وغيرهما بسند صحيح» (مشكاة المصابيح 173).
15 – الفوائد ص (191-192).
16ـ أخرجه مسلم في الإمارة ( 1822 ).
17ـ أخرجه البخاري في الفتن ( 7111 ).
18ـ أخرجه الإمام مسلم في الإمارة (1848 )، وأبو داود في السنن ( 27 ) والترمذي في الأدب ( 28 ).
19ـ أخرجه البخاري في الفتن( 7053 )، ومسلم في الإمارة(1848)، وأبو داود في السنة (27)والترمذي في الأدب (78).
20ـ أخرجه مسلم في الإمارة (1855)، والترمذي في الفتن (77)، وأحمد (6: 24 ـ 28 ).
21ـ المنهاج النبوي ص 97.
22 – جامع بيان العلم وفضله (1/674).
23 – نفس المصدر (1/675).
24 – للتذكيرجنى عليك يا شيخ بعض ممن أعطوك السكتة والخطبة حيث كشفوا سرا كان مخفيا، وفقني عز وجل للوقوف عليه، لا أعلم أحدا سبقني إليه إلا الذين تصرفوا في النص الأصلي من رسالة «الطوفان…»، وذلك لما جاء الذي أعماه حبك واحترق فيه قلبك ليخفي كلمة «روحية» التي جاءت في الرسالة في الصفحة 6، فزاد لها نقطتين دخيلتين فأصبحت من «روحية» إلى زوجية» أي أزمة «زوجية» بدل روحيةوهذا بظنه كرامة لك، وإعلاء لقدركوالجاهل لا يدري أنه جنى عليك بصنيعه هذا، فكشف ما لم ينتبه إليه العديد ممن وقفوا على الرسالة، بل قام بالاستدراك عليك وكأنه يوبخك على وضعك كلمة «روحية». التي كان عليك استبدالها بكلمة زوجية»، بينما سياق الكلام الأصلي لا يحتمل إلا الكلمة الأولى «روحية». وقد سبق أن ذكرنا أن أهل الزيغ والضلال يكشف الله تعالى أمرهم بأيديهمقال تعالى «بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون» )الأنبياء 18).والنص كالتالي” ولما أذن الله جل شأنه بعتق رقبة من الجهل والإسلام الموروث المجهول إلى طريق الحق والحياة، أنهضني لطلب معرفته، وكانت أزمة روحية لم يستطع من يعرفني أن يميز بينها وبين الأزمات المرضية».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق